نقلا عن موقع ” ألف لام ” الألكتروني الثقافي :
التاريخ: 14/08/2022
المقال رقم: 51
الإله داجون
بقلـم: رشـا بركــات– حكايــات رشـا (رايتـش)
تلاعبني الأفكارتماما كما تدغدغ النسيمات العليلة أوراق الشجر…فيختفي من حاضري الضجر
وأراني أعصر خمرا كما فعل السجين المحرر، رفيق النبي يوسف عليه السلام في السجن، فيوسف النبي عاش في مصر وال”إله داجون” كان رمزا كنعاني عربي في فلسطين فسميت بيت دجن اليافية بإسمه.
حكايتي اليوم عن قرية عربية كنعانية تقع في جنوب شرق مدينتي يافا، قرية بيت دجن. لن أتحدث عن سرقة أراضيها وبياراتنا من قبل الإحتلال ولا عن بناء المغتصبات أي ما يعرف بمستوطنات على أراض نحن كشعب فلسطيني نملكها ولدينا إثباتات ورقية لملكيتنا لها ولكن، حكايتي أو مقالتي التي تشبه الحكاية ستتحدث عن سبب تسميتها وعن ال”إله داجون”.
عندما كنت صغيرة، كان أبي يحدثني عن بياراتنا في بيت دجن لأنها كانت من ضمن محيط مدينتنا يافا ولأن تربتها كانت زراعية بإمتياز مما جعلها مليئة بالمزروعات كالحمضيات على أنواعها والحبوب وأشجار الزيتون والفاكهة المتعددة الأصناف. فكانت أرضها خصبة تتميز بنوع التربة الطفيلية كما قرأت لاحقا عن نوع تربتها، ما يعني أنها تتميز بالتهوية وبالتالي بالجودة الرفيعة والخصوبة النوعية.
منذ بضعة سنين، كان ذكر بيت دجن يتردد في عقلي كتردد الصدى تماما في المساحات الواسعة…قلّبت بأوراق أبي وأوراقنا الثبوتية فوجدت أرشيفا غني لدى العائلة وأملاكا لأراضي قد بنى عليها الإحتلال مغتصباته بغير حق وكذلك كان هناك دور مع بعض البيارات التي نملكها…ومما لا شك فيه، أن بيت دجن أرض فلسطينية عربية ذات تاريخ كنعاني عربي عريق جدا.
بيت دجن، وكنت أظن في صغري أن الكلمة مشتقة من تدجين ولكنني كنت مخطئة لأنني لم أدرك أنها من الرمز، “الإله داجون” الكنعاني العربي ذات الشعر واللحية الطويلان كما في النقوش الأثرية القديمة.
فكما قرأت في كتاب بيت دجن اليافية للمؤلف الدكتور سعيد عبد الله البيشاوي، أن الإله داجون Dagon
كان رمزا للخير والخصب فكان شكله عدا على طول الشعر واللحية، ينتهي بزعانف كالسمكة، ويحمل في كل يد سمكة وكانت زعانفه تغطى بالعملة في حينها وقد عبده كل الساحل الفلسطيني الذي كان مزروعا أيضا بالحبوب.
وكما تم ذكر معنى تسمية داجون، إله القمح والحبوب. وهذا بدوره يدل على أن التسمية دقيقة وأن النصوص أقرب إلى التحقق المهني والصحيح.
فقد كان الإله داجون، إله الخير والخصوبة وكان أحد كبار الآلهة المرموقين. ومن هنا، أتت تسمية قرية بيت دجن التي لا يمكن أن نختصر وجودها ب 80 عاما كما يدّعي الإحتلال. فبرغم الهدم والطمس والتزوير، لا يمكن محو الأرشيف الأثري والتأريخ وعمل المؤرخين العظماء عبر العصور.
فقد بنى الكنعانيون قرية بيت دجن (بيت داجون) قبل خمسة آلاف عام، ومع وجود الزعانف في الصور الأثرية للإله داجون نستطيع حبك عاملين وهما خصوبة التربة والتميز بالمزروعات والقمح والحبوب مع الوجود على طول الساحل الفلسطيني، مما جعل الإله داجون يحمل رمزية الخصوبة والخير وإضافة على ذلك، كان إله البحار.
سأكتفي بتلك المعلومات وكلّي أمل وشوق بأن يثور البحر الذي لنا وأنا ابنته لكي نستعيد تاريخنا ووجودنا الفلسطيني العربي ونزيل عن دورنا غبار التزوير وعن أراضينا أحذية الإستهلاك والطمع.