اختار موقع ” ميزان الزمان ” الأدبي في بيروت مجموعة من قصائد الشاعر باسكال عساف.. وهنا باقة من صفحته :
-1-
تهمس الأوجاع في أذنه:
الليل مثلك
يرتق ثوبه الممزّق…
كلوحات حزينة في مرسمه،
يكدّس النظرات الخائفة،
وحفنة من قلق.
يُضرم النار في أصابعه،
القلم سكّينٌ
يكوي الجراح على الورق.
في السماء جرحٌ يشبه الابتسامة…
يلعن الكلمات،
ويحيك من الدموع رداءً للأفق…
العتمة سبحة انفرطت.
يتثاءب الفجر،
وعند آخر حبة يختنق.
يغسل الرجل
يديه من إثم الشعر.
ويأوي إلى سريره
كسائر البشر..
.
-2-
لو كنت أقدر أن أنتزع منكِ
هذا الوجع،
وأحشوه بين ضلوعي
لفعلت،
وأراكِ مبتسمة…
ولكنكِ هناك تتألمين بصمت،
وأنا هنا كالأبله
أتفرج على العالم
من خلف الزجاج
أفكّر أن أفتح الشباكِ
وأقفز…
أموت دفعة واحدة
وتتلهين بوجع أجمل…
ولكنني أخاف،
أخاف أن آتيكِ
في الصباح
لأعتذر عن حبّي
ولا تسامحيني..
.
-3-
تنظر الى الساعة في معصمها،
تقول محذّرة:
ما زلت تملك خمس دقائق كاملة
لتكتب لي قصيدة،
تهزّ ساقها بعصبية،
واليد الأخرى على خصرها…
خصرها منحدر خطير بالنسبة لي،
أنا المتهوّر بابتسامتها…
أقفز من الشباك،
أركض في الشوارع،
أنادي على الذئاب،
أخبرهم:
ليلى تهدّدني،
ولكني أملك خطّة…
عندما تسمعون اشارتي،
وجّهوا أشداقكم صوب القمر،
وانبحوا من دون توقّف،
أحتاج أن تبكموا كل الديوك،
ترهبوا البشر،
وتشغلوهم يالصلوات،
ما يكفي
لأندس أنا كاللصوص
من شباك مفتوح في الجنّة،
وأسرق من تحت وسادة
القدّيس بطرس ندمه،
وأردّد مرّات تلاث:
أعتذر أنا على حماقتي،
وأحبّك..
.-4-
امشي حولي
وكأنك خنجر مشرّد
يبحث عن مأوى،
مرّي تحت شفتي السفلى
وكأنك عاصفة
تأخرت على يوم القيامة،
عند أطراف أصابعي قفي،
تمهلي قليلاً
اشحذي شفتيكِ
بتلك الابتسامة،
علّقي عل خصرك
نظراتك القاتلة
حزاماً من القنابل الموقوتة،
ثم شقّيني نصفين
بضحكة
وكأنني البحر،
نصفٌ كان،
ونصف سيكون،
واعبري بين خرائبي،
افتحي ذراعيكِ
ارفعي ذقنك
وكوني ملكةً
لا تدخل حباً لتربح،
بل ليكتب عنها
التاريخ،
أنها حبيبتي..
.-5-
لا تحبّي شاعراً
إن كنتِ لا تملكين
الجرأة، واللؤم، والأنوثة
لتدقّي عنقه
حين تحين اللحظة…
لا تحبّي شاعراً
إن كنتِ غير متمرّسة
بتدرجات اللون الأسود،
بمقادير الخطيئة في الحليب،
بكميّة الكذب الخالص في السكّر،
لا تندسّي في صباحه،
ولا تعدّي له القهوة…
لا تحبّي شاعراً
إن كنت تخافين من منظر
الجراح، والدم،
والجرائم، والوحل
في كفّ يده،
لا تقبّليها،
لا تدعي عليها بالكسر،
لا تنتزعي شفقةً أو عنوة
من تحت أظافر يده المتسخّة
بالحبّ قصيدة…
لا تحبّي شاعراً
إن كنت لا تتقنين لعب
دور الطفلة المنحرفة،
عناد المرأة المتوحشة،
توق الدمية في علبة
الى الانعتاق من ضجر
السيدة النبيلة الرقيقة
خلف زجاج متجر…
لا تحبّي شاعراً
إن كنت تتمسّكين ببراءتكِ،
بحكايات ما قبل النوم،
بالقصص الخيالية،
بمنطق الوردة،
بخدعة الغروب،
بالنهايات السعيدة،
وبالأحلام المعلّبة الجاهزة،
لا تذهبي اليه وكأنك متجهة
الى حياتكِ الوردية،
بل الى موته الأخير…
لا تحبّي شاعراً
ان كنت غبيّة لتصدّقي
أنه سيقاتل بضراوة كالفرسان
ويعلن الحرب على العالم
من أجلكِ،
أحبّيه
لأنه هو الحرب بذاتها،
وهو دمار هذا العالم
كما تعرفينه..
.