الريف في الرواية العربية /د.محمد حسن عبدالله
عالم المعرفة العدد١٤٣
( قراءة نقدية للدكتور قاسم قاسم )
-×-×-×-×-×-
في سياق البحث عن كتاب للقراءة ، عثرت عند بائع الكتب المستعملة ، على هذا العدد ، وعندما تصفحته ، جذبني موضوع الريف والمدينة ، فأحببت ان أتناوله.
الريف والمدينة كلمتان متقابلتان ، بينهما تضاد ، ومن خلال عدة روايات نحصل ربما على صورة ما عن الموضوع.
الرواية الاولى كانت (زينب ) ل محمد حسين هيكل ١٩١١ ، زينب من القرية ، وحامد من المدينة ، وفي كل مراحل الرواية كانت العزلة قائمة بين عالمين لا مجال لاتقائهما .
في (ايام الانسان السبعة ) ل عبد الحكيم قاسم ١٩٦٩ يصور جماعة من الدراويش في حياتهم الهادئة الراضية بالقدر ، يقودهم الشيخ كريم ، ابوهم الروحي الى الريف ، واصطدامهم بالوان الحياة.
(دعاءالكروان ) ل طه حسين ١٩٣٤ كانت القرية تقوم بدور الخدم الى بيوت السادة ، لكنها عبّرت عن تطلع لاحتلال موقع جديد ، وهو تطلع يمتزج الحب فيه بالثأر .
وتشير (اليد والارض والماء )١٩٧٠ ل ذنوب ايوب عن علاقة اكثر عمقا . فقد ذهب الريفي الى المدينة ليعالج، ولكنه عاد ، ومعه ابناء المدينة ليغيروا معا وجه الحياة في الريف والمدينة كما في (يوميات نائب في الارياف ) ١٩٣٧ لتوفيق الحكيم ، هذا النمط من العلاقة لا يزال يتنفس في روايات مختلفة مثل (ملح الارض ) ١٩٧٢ ل صباح دهني.
(واحة بلا ظل ) ١٩٧٩ عمر بن سالم .
(وحكايات الزمن الضائع ) ١٩٨٣ التي قدم فيها ألفرد فرج ، رؤية نقدية ساخرة ،في الرواية تبدو قرية مجهولة الدور ، ابناؤها من الجنود ، ومتعلموها من المدينة ، لايحكمها نظام ، ومع هذا حدثت تطورات في الوعي والثقافة ، اصبح فيها الريف مؤثرا في الوافد من المدينة.
كما في رواية (الجبل ) ١٩٦٥ ل فتحي غانم ، او ان تأتي الفرصة للاجئ ان يهرب من ماضيه الشقي ، ويجرب حلم الولادة الجديدة كما جاء في (موسم الهجرة الى الشمال ) ١٩٦٦ ل الطيب صالح.
ويطل عبد الكريم غلاّب من المغرب ،ويتخذ من فاس مكان الرواية ،وحتى في رصده للمقاومة ،وتطور الوعي ضدالفرنسي، يبدأ من فاس مع ان الحركة لن تأخذ مداها الا حين تنتقل الى الدار البيضاء مع انه يكتب قصة التطور الاجتماعي والوطني ،على غرار (ثلاثية محفوظ )التي لا بد من ذكرها .حين نطالع (دفنا الماضي )ل عبد الكريم غلاًب.
وجاءت رواية (عائشة )ل بشير بن سلامة١٩٨٢ لتعالج التطور والتنوير في تونس .
واستطاع ثروت اباظة في (شيء من الخوف)١٩٦٧ بعد (هارب من الايام )(وقصر النيل )اللتين صدرتا من تجربة ذاتية ،وعبّرتا عن مدى محدود في تعليل اشكال الانحراف الاجتماعي الطبقي.
ومحمد عبد الحليم اعتمد على تكوين تجربته الخاصة كواحد من ابناء الريف عاش في المدينةطالبا ،ثم معلما ،وموظفا في المجمع اللغوي ،وظل يتردد على قريته حتى آخر يوم من حياته ،ولموقفه المتطور في (للزمن بقية )١٩٧٧جذور في رواية سبقتها بخمسة اعوام ،وهي (الجنة والعذراء )١٩٦٣التي يدور فيها الصراع بين اخوين غير شقيقين على ميراث والدهما.
وفي مجموعته القصصية (دماء وطين )١٩٧٩ليحى حقي ،حملت فتى القاهرة عباس افندي ناظرا لمكتب بريد في كوم النحل ،في اعماق الصعيد فظل مستلب العقل والشعور ،يهرب بالخيال الى اضواء المدينة ،.
وتلتقي (ايام الجفاف )لمحمد يوسف القعيد١٩٧٤بدماء وطين حين تختار ابن المدينة للذهاب الى الريف ،فيعاني العزلة ،وحتى يدفعه الملل والشوق الى الحياة ان يصطنع ان اعمالا تودي به الى الانهيار النفسي ،اما رواية (الريح الشتوية )ل مبارك ربيع ١٩٧٩ فالقرية فيها غير محددة الاسم اما المدينة فهي الدار البيضاء المقيم فيهاالفرنسي ،وكل اجهزة القمع ،تذكر الرواية ان السلطةً حين اقامت مصانع احتاجت للعمال من الريف والغاية التهجير والاستيلاء على الاراضي ،من هنا اطل الحمدوني، وحمل السلاح (وشرق النخيل )ل بهاء طاهر١٩٨٨تنفرد باطارها المكاني الممتد مابين الجامعة وميدان التحرير ،ليشمل التاريخ الحديث بفضل التداعيات .