وردة الينابيع
الإنحياز الجمالي لخصوصية المكان، هو الحافز الأول للشعرية الدافقة. إنه المعنى التأسيسي للوقوف على الطلل عند جميع شعراء الأمم، من أجل إستدعاء “جوزية” ماء للشعر، من الينابيع، لري وردة واحدة: وردة الينابيع. بل وردة الشعر.
وحدة الشعر، وزهرته، ووردته، وبصلته، قائمة عند معبد الروح. في المكان. حيث يخيم الجمال، على الينابيع، لتجديد الروح. وتجديد الشعر. وإحياء الأزاهير التي تعرش حول الينابيع تصنع لها تاجا من نبات.
نخلة الروح، نافورة من نبات، كما عبر ذات مرة، الأديب و الشاعر والناقد والرسام والتشكيلي الطرابلسي: رضوان الشهال. هكذا كانت. وهكذا ستبقى، أعظم أطلس وراثي، لوردة الينابيع، وردة الشعر، في كل زمان وفي كل مكان.
الراحلة، جمال سليم نويهض، أم خلدون : (1906_1994)، غرست نخلة القلب: “زيزفونة الدرب. (شعر). دار نلسن. رأس بيروت. ط١. 2021.350 ص. تقريبا”.
وبعناية الناشر الأديب سليمان بختي، ومقدمة للشاعرة سلمى خضراء الجيوسي. وتقديم للكاتب والشاعر، سلمان زين الدين، صدر هذا الديوان، الذي يعيد القارئ، إلى زمن الشعر الجميل. حيث الينابيع. وحيث الطقوس. وحيث الكرامات. وحيث الهمم، التي تروي الأرض، وتستنبت الصخر.
تكتب جمال سليم نويهض( أم خلدون)، يقول سليمان بختي، الشعر مثلما تكتب الحياة أوقاتها. أو كما يقرأ في كتاب خلاصته الأخيرة. كيف تصير القصيدة الجواب الوحيد في غراء هذا العالم. والمحسوس في الطبيعة يستدعي اللامرئي كأن وصف الطبيعة في جانب منه، إنسكبا للذات في الصور والحالات والمدلولات.”
ثم يقول في مكان آخر: “تفخر دار نلسن بنشر ديوان ” زيزفونة الدرب”، والذي يشمل أعمالعا الكاملة. والشكر موصول لكل من ساهم في تحقيق هذا العمل، فيما يشبه عودة الشعر إلى التحليق في سماء مدينتنا، وفي سماء حياتنا، منذ زمن، أو الآن أو بعد حين.”
أما سلمى خضراء الجيوسي، فقالت عنها: ” إن دراسة ما قدمته جمال سليم نويهض إلى عالم الأدب تومئ، إلى أهمية هذة الحركة النسوية المبكرة، وتشير إلى المحاولة الناجحة، التي قدمتها هذة الكاتبة، بإقتباسها لجميع الأشكال الأدبية التي كانت تمارس في زمنها، وتتحدث عنها، ككاتبة تجريبية إستطلاعية، ذات جرأة، وغريزة أدبية فائقة.”
وفي كلمة لسلمان زين الدين: “بين يدي الديوان”، يقول:
” تأتي أم خلدون إلى الشعر متأخرة. …فهي تبدأ بتذييل قصائدها بدءا من العام1950. أي أنها بدأت تكتب الشعر في منتصف العقد الخامس من العمر…. وإستطاعت أن تثبت وجودها الإبداعي، في مرحلة مبكرة، سواء في الرواية، او في الشعر. فلا تقل شعرية قصائدها عن روائية روايتها.”
… ولا يقتصر التعدد في الديوان على الأغراض الشعرية … بل يتعداها إلى الأشكال أو الأنواع. فيشتمل على: القصيدة العمودية،الموشح، القصة الشعرية،المخمسات، والمسرحية الشعرية.
وفي الخواتيم يقول: ” وعود على بدء، يشكل إصدار الديوان، ولو متأخرا، خطوة في الإتجاه الصحيح تكمل خطوة إصدار اعمالها الروائية في العام2012… الروائية والشاعرة، تستحق الخروج من ظلمة الطي، إلى النشر.”
عادت الشاعرة جمال سليم نويهض، في ديوانها،إلى الينابيع. ومن هناك، كان لها أن تهدينا بعد رحيلها بعقود طويلة، وردة الشعر. وردة الينابيع.