أُصلّي لعينيكِ
للشاعر نعيم علي ميّا / سورية
-×-×-×-×-
على مَفْرَقِ العُمر
اسْتوْقفني صوتي
جَهِدْتُ لأمدَّ خيوطَهُ
فبحَّتْ حنْجرتي
واستيقظتْ زفراتٌ مُقِيمات
**
حكاياتي القديماتُ
يعتليْنَ صَهَواتِ الدَّهشة
يأتزرْنَ بضوءِ قمرٍ
يتملْملُ في السّراري
وَجَعي يُسَرِّحُ نَومي
يُوقِظُ فيَّ حنينَ الدّوالي
يسوقني سُعَالُهُ
إلى بوّابةِ الاغترابْ
فأتوسَّلُ صفصافَ قصائدي
أنْ يعبرَ مجامرَ الشّوق
ويتلاشى في رُضابِ الأمسيات
**
وَجَعي
يتّكئُ عِشقي
عِشقي
يُعانقُ وجعي
وأنا – مُثقلاً بكليهما – أركضُ على
عُشْبِ المنافي
مُنتعِلاً خفَّيْنِ من وَجَع
**
ها ..
تجيئينَ فيتبدَّدُ العطرُ
يُندّي دروباً مطويّةً بأزاهيرِ الرّمّانْ
وينسابُ من أصابعي ضوءٌ
يُزيحُ غَشَاوةَ الخُطا
فأغدو مَسْكوناً بعَبَقِ الصّنوبراتِ
وأراني أخطُّ فوق دفترِ وردٍ:
رغْمَ هذا الجنونِ الّذي من حولنا
دعينا نتعانقْ
**
مُستوحِشاً أَمْشي
وتمشي بي طريقي
عارياً كلُّ ما أراه من
الحقولِ الممتدّةِ والمَدَى
وثمّةَ ريحٌ خريفيّةٌ تُحاصرني
تُلقي بمعطفها الأصفر
فأحسُّ بوحشةٍ تكسو قلبي
فأتسلّقُ حَنيني
وأشاركُ شجرةَ البلُّوطِ عُزْلَتَها
فيتدحرجُ ينبوعُ كآبتي
وأراني
أتأرجحُ على جدائلَ من سوسنات
**
قُبيْلَ الفجرِ
جاءني صوتُكِ
وشْوشني:
اشتقْتُ إليكَ
وكلّما رفرفَ الّليلُ بجناحيهِ أشتاقُكَ
سَأَمي يُصارِعُ نوْمي
وفي مقلتيَّ تهجعُ دمعتان
وأراكَ تعبر فوق قلبي
تَستحمُّ بدقَّاته
فيمضي في ارتعاشاته
وأمضي يُزنّرني خوفي
**
صوتُكِ سيَّدتي يوجعني
ولطالما سهرْتُ ليلي
مُرتقِباً نمْنماتهِ
وكم جهدْتُ لأطوّفَهُ برمشي
وكمْ .. وكمْ .. صلَّيْتُ لعافيتكِ
**
صوتُكِ سيّدتي
يُهرولُ في أذنيّ
ينبُشُ في أحلامي
يُفتّشُ عن ضوءٍ يَجِيء
مُرتدِياً قميصاً مِنْ نَهار
فالتحفي بقلبي
أنتِ مَنْ أحببْتُها
خفقةً .. خفقةً
وإنّي أُصلّي لعينيكِ
****