تخليد البرهة
عن مكتبة الأنجلو المصرية في القاهرة2022، صدر أخيرا للدكتورة رفيقة سليم حمود: (ذكريات..ورحلة أخرى/ سيرة ذاتية 445 صفحة تقريبا).
يتناول الكتاب/ السيرة الذاتية، بعضا من تجارب المؤلفة، خلال مشوارها الطويل، في الحقول التي إشتغلت فيها، وفي الدروب التي قطعتها، وفي الأزمنة التي عبرت بها. فكانت شديدة التاثير على شخصيتها، كما هي شديدة التأثير عليها، كمربية وباحثة وموظفة مرموقة. ومكافحة في حياتها البيتية والأسرية، منذ نعومة أظفارها، حتى تسلمها أعمالها، سحابة العمر الذي قطعته. إلى البرهة التي خلدت بها نفسها، فخرجت بهذا السفر العظيم، ك”حمل ناقة” أناخت به أمام أهلها و محبيها. وأمام معارفها من الزملاء ورفاق العمر والدرب.
يحتوي الكتاب على تمهيد توضيحي لبواعث كتابها، حيث تقول: “في أيلول/ سبتمبر عام2019، كنت في صيدا عندما إتصل بي الزميل والصديق العزيز، د. مصطفى حجازي، وأخبرني بأن جمعية خريجي المقاصد في صيدا، قد سبق وأصدرت كتابين عن مجموعة خريجيها… واقترح… أن أساهم في ذلك… وطلب مني أن اتواصل لمتابعة الموضوع مع المهندس المقاصدي محمد راجي البساط الذي يهتم بالأمر.” وتضيف د. حمود :”إنّ عديدين من المقربين… منهم المرحوم زوجي.. كان يحثني على تأليف كتاب، عما كنت أذكره احيانا عن الألعاب.. وعن الأغاني”..
وذكرت ايضا: إن الصديق محمد راجي البساط، كان من المشجعين لهذة الفكرة، وذلك لتقديم مثال عن رحلة كفاح طويلة ومستمرة، تعكس صورة صيدا. وأنها باشرت الكتابة في حزيران/ يونيو2020، في فترة كورنا والحجر المنزلي( ص5و6). وتتحدث الكاتبة بعد ذلك، عن النشأة الأولى، في البيئة المادية والبشرية. والعاب الطفولة أيضا. كذلك تتحدث عن بدء الدراسة الإبتدائية والإعدادية في مدارس مقاصد صيدا، والأحداث التي رافقتها. كما تتحدث، عن دراستها في دار المعلمين والمعلمات في بيروت والدراسة الذاتية لشهادتي البكالوريا اللبنانية، بقسميها الأول والثاني، وجميع الأحداث التي إتصلت بها. تقول: عندما درست البكالوريا الثانية… لم أجد صعوبة إلا في دراسة الجزء الخاص بالفلسفة اليونانية… و لم تجد صعوبة في دراسة الفلاسفة العرب والمسلمين. وكانت تستمتع بدراسة إبن خلدون وإبن سينا والمعري.” (ص 86).
وأفردت الكاتبة صفحات مطولة لبدء مسيرتها المهنية، وللدراسة الجامعية. وكذلك مشاركتها في الدورات التدريبية، التي نافت عن العشر. متحدثة عن تجربتها في إختبار الذكاء، وسائر الأنشطة الثقافية الأخرى.
تحدثت الكاتبة أيضا عن حصولها على منحة لمتابعة دراستها العليا في السوربون وفي الجامعة اللبنانية وعن الصعوبات التي رافقتها. وكذلك عن حرب1967، وسائر الأحداث التي أتت بعدها.
تقول: تحت عنوان ” وقوع حرب1967″ يوم مناقشتي لرسالة الدبلوم: أذكر انه قبل مناقشة رسالتي لدبلوم الدراسات العليا في التربية بأيام قليلة… أي في صباح يوم 5 حزيران … وقعت الحرب بين مصر وإسرائيل… وفي الايام التالية بدأنا بجمع الملابس من الطلبة والزملاء. (ص136- 137).
وأرشفت الباحثة لحياتها الأكاديمية، بعد عودتها إلى لبنان وإلتحاقها بمركز البحوث التربوية. وكذلك لتعاقدها مع كلية التربية، اثناء الحرب الأهلية:1975-1977.
ذكرت الأكاديمية د. رفيقة سليم حمود، بجميع المهام والأنشطة الأكاديمية والثقافية، التي عملت عليها خارج كلية التربية. وذكرت الرحلات التي قامت بها. وأرشفت لحياتها الخاصة في تلك المرحلة من تاريخ حياتها: موت والدها، والأحداث التي وقعت طيلة عشر سنوات: (1970-1980).
في مرحلة لاحقة تحدثت عن وظيفتها الجديدة كمستشارة لليونيسكو وكرئيسة لدائرة التربية في كلية البحرين الجامعية. وعن سائر الرحلات التي قامت بها في تلك المرحلة من تاريخ حياتها.
توقفت أيضا عند تجربتها في البحرين. حيث عينت عميدة لكلية التربية. فكانت لها فيها نشاطات ذائعة. تقول: في ايار/ مايو عام1986 صدر مرسوم أميري بإنشاء وتنظيم جامعة البحرين… بعد أن اخذت إذنا للسفر من رئيس جامعة البحرين
… فاجأني… فكرنا أن نقترح أسمك لتكوني عميدة لكلية التربية.”(ص253).
كذلك أفردت الكاتبة فصلا لنشاطاتها الأكاديمية والثقافية التي قامت بها، بعد إستقالتها من جامعة البحرين في نهاية العام الدراسي1993.
تحدثت الكاتبة عن زواجها من الدكتور محمد نبيل نوفل. وعن زواج أختها من السيد محسن إبراهيم. وعن حياتها في تلك المرحلة وعن الحياة الزوجية، وكيف عادت من مصر إلى لبنان، بعد وفاة زوجها. ووثّقت لتنظيم مكتبته وإهدائها مع وثائق تاريخية، في ظل كورونا. ناهيك عن أحاديثها الطويلة بين لبنان ومصر الشقيقة.
وفي باب الحرص على الشفافية، أرشفت الباحثة للسلوكيات التي كانت تحبها، والتي إنطبعت بها شخصيتها المغامرة.
كذلك قدمت في خاتمة كتابها، قائمة بعناوين المقالات والدراسات والتحقيقات والمحاضرات والتقارير التي أعدتها، أو تلك التي شاركت في نشرها.
تقول في خواتيم بحثها الرصين والجاد: “لقد قدمت في هذا الكتاب ببساطة وشفافية وعفوية، بعض الذكريات التي تراكمت عبر السنين الطويلة… وتناولت الكثير من الموضوعات التربوية والنفسية والإجتماعية… أرجو أن تكون قد ساهمت في معالجة تلك القضايا.” ( ص423).
الدكتورة رفيقة سليم حمود، إنما أرادت من خلال عملها هذا “تخليد البرهة”. كأنها بذلك تريد أن تعبد الطريق، أمام الطلاب والدارسين، للوقوف على سيرة وعلى مسيرة، في غاية الجهد وفي غاية التشويق.