د. قاسم قاسم مع ” بورخيس ” في ” مشوار اليوم ” :
بورخيس؛
شقته كانت تبدو خا رج الزمن ،ضيقة ، صامتة معطّرة الاجواء ، كما يسودها على الدوام مايشبه العتمة الواضحة ، ما يضفي عليها جوًا من العزلة المواتية لعمى الرجل العجوز.
الى اليمين طاولة داكنة اللون مغطاة بقماشٍ من الدانتيل ، واربعة كراسي ، تحت إحدى النوافذ كنبة قديمة ، وكرسيان ، او ثلاثة.
كان يجلس الى الكنبة ، وعينيه المكفوفتان تحدقان بنقطة واحدة ما في فضاء الغرفة ،فيما يسترسل في الكلام ، ويوجد منضدة كان يضع عليها طاسة من الفضة. ، ومقلمة تعود الى المناولة الاولى لامه ، وعلى الحائط لوحة بتوقيع شقيقته نورا “البشارة لمريم” .
عندما زار ماريو فارغاس يوسا في صباه منزل بورخيس في اواسط الخمسينات ، فوجىء بتواضع الأثاث ،وسأل : لم لا يعيش في اماكن ارقى واكثر بذخا؟
في غرفة نومه كان يحتفظ بكتب الشعر ، وبأهم مجموعات الادب الانكلوساكسوني ،والايرلندي والمعاجم التي يرجع اليها للتدقيق بما كان يسميه المفردات العويصة والعسيرة بينما الغائب الاكبر عن رفوف مكتبه هي اعماله الخاصة،
كان دائم التذرع بالنسيان ،ويقول انه ماعاد يستذكر شيئا من اعماله،
كان يعشق المحادثة في مواقيت الوجبات ،ويختار اطعمة خفيفة ارز معجنات ،ولكي لايلهيه الطعام عن النقاش تمكن من اعادة اكتشاف افلاطون ،وفلاسفة اخرون .وكان الدرس النحوي هو المفضل لديه ،لذلك ما كان ليتوانى عن الاسترسال في الحديث عن تحفة جويس اللغوية.
وكان شغوفا باللغة الالمانيةلقد تعلمها بمفرده ،عندما بلغ السابعة عشرة. ووجد في الروايات البوليسية التي يعشقها صيغة سردية مثالية ،تتيح للروائي بان يعين حدوده الشخصية ،وان يركز على فعالية الكلمات والصور المكونة من كلمات،
المرجع: كتاب المخلوقات الوهمية لمؤرخي بورخيس ومرغوبا غيريرو .
ترجمة بسام حجار المركز الثقافي العربي لبنان 2000/ (مع تعديل لبعض العبارات والفقرات )