” تراجيديا”
حكايا وجدانية للكاتبة سمر أمين دوغان
-×-×-×-×-×-×-
أنا… هي… هو والمدى البعيد. البحر هو حلم قديم. سأترك هويتي فوق الرمال لتمحوها أمواج الغربة. سينسى اسمي الزمان… هو في النهاية الرحيل.
نبحث عن السعادة كمن يبحث عن إبرة في كومة قش.
الإبرة تلمع وأنا اسعى كي أجدها قبل أن يتناولها الصدأ.
عند البوابة الفاصلة الوجود واللاوجود قرار أليم. نحبو كالأطفال نحو المجهول. سنترك الأرض المحروقة: ألم، جوع، قتل ودمار. ما عدنا نملك إلا الرمق الأخير.
ينتابني البرد. خلايا جسدي تأكل نفسها، ترتوي من ظمأي، من خوفي. عيونهم تحكي وجعي. لوّن السواد أجسادنا. محا الماضي وجوهنا. سنركب قارب الموت.
رذاذ مالح يسقي وجنتي… يلسعهما. نعيد ترتيب الحياة في المخيلة. أرى في الأفق حلما: دار وحديقة، شجرة ياسمين وغاردينيا وليمونة أينع زهرها، أريجها يراود الصخر ويغازل القرميد، ويستل من صدري ما دوّنته ريشة الزمن. هنا أحواض الورد الجوري ومساكب النعناع والبقدونس والفل.
أتوه في دهاليز الهوى، ويباغتني الموت في لحظة فوزه السوداء، حينما يلوّح براية الروح، ويطعم جسديهما للريح، فأنثني إلى ماضٍ أغلق دفاتره، كأنني طفل يتشوق إلى لحظة التكوين.
لا الأرض أعطتني، ولا البحر أهداني… سوى الهذيان.
هوذا قبرهما وقد ازهرت شقائق النعمان في تربتهما.
ارتوت الأرض من دمهما ودمعي.
باق هنا حيث ذاكرتي كلها.
باقية أجنحتي التي تعلن هويتي، عربي كنت وسأبقى، حتى في لعبة القياصرة…
باقية أجنحتي التي تكتب بدمي انني كنت انسان، كنت وسأبقى.