لقد ميّزنا اللهُ بالعقل والحكمة والموهبة والذّكاء، كما ميّزنا باختيار درب القداسة ومنَحَنا القدرةَ على صنع المعجزات، فأخرجنا من رتق العبوديّة والموالاة، وجعلنا أسيادًا في الحياة، فلماذا ننحني أمام بعضنا البعض تملّقًا وخنًى، ونطأطئ رؤوسنا ذُلًّا واستسلامًا باسم لقمةِ عيشٍ ممنوحةٍ لنا من ربّ السّماء، وأضعفُ الإيمان هو التّأمّل بأضعف المخلوقات الّتي لا يتخلّى الله عنها فلا تموت جوعًا.
إذًا فلماذا نجعلُ من أنفسِنا عبيدًا للمال والجاه، وقد خلقَنا الله أحرارًا؟!
أفلا تدري يا أخي الإنسان أنّ مَن تخدمُهُ هو أشدُّ حاجة منكَ إليك؟
أفلا تدري أنَّ سعادتَه وراحتَه ليستا سوى من فضلٍ منحك الله إيّاه لتكونَ سلطتُهُ مرهونةً لديك؟!
أوَتظنُّ أنّ الله قد وزّع القدرات والثّروات بعبث وعشوائيّة؟
ألم ترَ أنَّكَ تميّزت عن سواك في الكون كلّه كما تميّزَتْ بصمةُ إبهامِكَ؟
ألَمْ تعِ بأنّ ذلك رمزٌ لتفرُّدِكَ في حمل رسالتِك لتكملَ بها الآخر؟
أفَلَمْ تلاحظ بأنّ كلَّ امرئٍ يشعر ويعرف ويؤكّد لكَ بأنّه فريدٌ بشخصِه ويتمنّى من الآخرين أنْ يكونوا مثلَه باعتباره كاملًا خاليًا من نقصٍ أو عيبٍ؟!
لذلك تراه معتدًّا بنفسه دائمًا.
أفلا تدري بأنّ الله ميّزك ولستَ أنتَ بصانعٍ تميّزكَ، فهلّا حفظت نعمة ربِّك وحدَّثتَ بها قولًا وعملًا!
نعم.. فريد من نوعك أنتَ، فهلّا اسثمرتَ هذا التّفرُّدَ للتّعاون والتّكامل، وليس للتّنافس والتّنابذ والهيمنة!
لأنّ هذا من نِعَمِ الله عليك كي تعرف قيمة فرادة ذاتك، فتستثمرها في العطاء والإبداع وليس في التكبّر والتّعالي على أخيك الإنسان.
فهل أنتَ مدرك عظمة الله في وجودك؟
( بقلم الكاتبة : عايدة قزحيّا )