ملحمة ” جفرا ” للشاعرة دوريس علَم خوري ..هنا الجزء الثامن والأخير :
جَفْرا … لا تُحَدِّثيني عنْ أحَدٍ
إني أريدُكِ كالإلهِ وحيدةً …
لا ألهَةَ غَيْرَكِ أعْبُدُها
أسْتَحْلِفُكِ يا ابنةَ كِنْعانَ
دَعيني أغْفو فوْقَ صَدْرِك كيْ أرُدَّ
أيائِلَ الحُقولِ كيْ لا تَعْدُو في مَيْدانِكِ
كي أرُدَّ عصافيرَ الحقولِ حَوْلَ شُبَّاكِ خَيْمَتِكِ
رُدِّي حَساسينَ بِلادي المُغَرِدَةَ فوقَ جُلَّنارِكِ
دعيني أغفو بينَ خَمائِلِكِ
أتفيأُ تحتَ أعْمِدَةِ أْبْراجِك ِ
المُطِلَّةِ على سَهْلِ مروجِ الذهبِ
حديقَتُكِ فاحَ مِنْ واديها قُعَالُ كرمتِكِ
فاحِ منها عِطْرُ نارْدينِكِ
جَفْرا … دَعِي سَريرَ الورْدِ يَرْسُو
عِنْدَ مِيناءِ عكَّا هُناكَ . . .
انْتَظِريني مِن ْرِحْلَةِ صَيْدٍ فتُلَوِّحينَ
لي بِمِنْديلِكِ الأُرْجُوانيّ
فَيَغْسِلُ المَوْجُ عَرِقَ سَفَري
ومِنْ ثم تُهيِّئينَ لي وليمةً وقُبْلَةً حَمْراءَ
تَحْسِدُني عليها الألهةُ
أنتهِرُهُمْ … هيَّا ابْتعِدوا ولا تنْظروا لِحَبيبتي
مِنْ ثُمَّ تُعِدِّين لي شرابَ النِكْتَارِ
فَتَحوُمُ الألِهَةُ حولَ كأْسِي وشَرَابي
فأبْزُغُ … يا فَجْرَ جَفْرا
طُوفِي يا سفينةَ نوحٍ
واغمُري الأرضَ حُبَّاً
واضْرِمِي نَارَكِ كي تَشْتَعِلَ قَرَابيني
فَيَنْحَني سَريرُ الورْدِ خجًلاً
أعودُ الى ساحةِ الجَزَّارِ أسجُدُ ركْعَتين
أُصَلّي القِبْلَتَيْنِ أحْمَدُ اللهَ وخالقَ الكوْنِ
أدخُلُ مَمْلكتي المُقَدَسَةَ وأقطُفُ
آياتِ قُرءانِي وأناجِيلي
ثمَ حَلِقي بي فوقَ سفْحِ جبَلٍ
هناك … هناكَ اتْرُكِيني
أسْمَعُ عِظَاتِكِ ورسائلَ عِشْقِكِ الأَبديِّ
هُناكَ تَمِّمّي بي عَجَائِبَكِ
بارِكي خُبْزي وسَمَكي
دعيني أتَجَلى بِحُبِكِ فتلُفُّني غيْمَةُ الرُّوحِ
وإنْ عَطِشْتُ يوماً لِحُبِكِ
وسفينةُ شِراعي تُنَاديني
لِفَجْرٍ مُظْلمٍ ورِحْلَةِ سِنْدِبادٍ جَديدٍ
عرِّجي بي الى صَخْرةِ مِعْراجي
فَقَدْ اشْتاقَتْ الرُّوحُ لِسَفْرَةٍ أبَدِيَةٍ
حيْثُ هناك في السَّمَاءِ لا قاتِلَ ولاَ مَقْتولَ
لا مُقيمَ ولا مُهَاجِرَ
هناكَ … راحةُ أبَدِيّةٌ
جَفْرا … يا أُمَ البِداياتِ ويَا كُلَّ النِّهَاياتِ ؟ !
أنْتِ ديني … أنْتِ عْهْديَ الجَدِيدُ ؟ !