قصيدة جديدة للشاعر العميد محمد توفيق أبو علي :
أيقظي فيَّ طفلاً
تئنُّ القُرى
ووجهكِ يمسحُ عن وجهي المدينهْ
يرسم في دفتر اللّيلِ ياسمينة حزينهْ
توقظ الصّباحْ
ووجهَ طفلٍ تبعثرهُ الرّياحْ
لَقاحًا لأشجارِ السَّكِينهْ
ياامرأةً تحملها الريحُ إلى كلّ الكلماتْ
كوني تعويذة حُبّ وصلاةْ
أيقظي فيَّ طفلاً نام من عبء السّنينْ
وأحيلي بحارَ العالمينَ إلى خرزٍ أزرقَ يحميه من العَيْنْ
ذكّريه بثغركِ الحَلْوى
وبالشعر الخُزامى
وبالمِحْجَرينِ جِرارَ العَيْنْ
دثّريهِ بمقلتيكِ فربّما وطَأتْ حِسانُ الجِنّ أرضَ الذّاكرَهْ
أو خَطَرَتْ حكايات الجدّة الغابرَهْ
في ومض حنينْ
هلّلي…
فربّ صوتٍ كان يشدو له من ستّينَ عامْ
ينساب يحمل في ضفّتيْهِ الطفولةَ: حبًّا وهُيامْ
وفي راحتيهِ، رمادَ العاشقينْ
أطباقَ حَلْوى وسلامْ
***
وغدًا حينما ترحلينْ
كانْكسارِ الضوء في المرايا
أتكسّرُ في العشايا
وجهًا شاحبًا وأنينْ
وبقايا وردتينْ
أتكسّر في صورتينْ:
صورةٍ لكِ في قلبي
وأخرى في كلّ الجهاتْ
شاهدًا فوق الرّفاتْ
يُسطّر بالوجْدِ تاريخ الوفاةْ
***
وغدًا حينما ترحلينْ
سيبقى وشمُ حُلْمكِ في دمي
كوشمٍ لعصفورِ تينْ
فوق ثلج القرى
***
وغدًا حينما ترحلينْ
تبحث الأشياء عن أسمائها
ويلتفّ خصْرُ الحنينْ
قاربًا يسأل مرفأهْ
أو
سائلاً أعياه ذلُّ المسألهْ
أو
تابعًا فقَدَ المدارَ مضى
هاجرًا هذه الأرضَ المطفأهْ
يبحث عن كوكبٍ آخر، اسمُهُ ما تشائينْ
زُحَلٌ، أو المرّيخ، أو مِقْصَلَهْ
***
وغدًا حينما ترحلينْ
تعتريني النساءُ، كما يعتري مريضًا سَقَمْ
فأعدو إلى ذاك الحُلُمْ
حُلُمٍ يدفئني كما المواقد في القرى
وأتمتمُ خلفَ ناري:
“أخلو إلى كلّ النساء، فلا أرى امرأةً؛ وأخلو إلى امرأةٍ، فأرى وجهي”