الجزء -6- من ملحمة ” جفرا” للكاتبة والشاعرة دوريس علَم خوري
-×-×-×-×-
جَفْرا … يا ابنةَ الكريمِ
هيا … عطِّريني بِزَهْرِ جُلَّنارِكِ
دعيني … أمُتْ بين رِئَتَيْكِ
سَأُفَتُقُ خَيْمَتَكِ المَنْسوجَةَ مِنِ خَيْمَةِ قيدارَ
وأعْبُرْ وادي قدْرونَ أتْعَبَّدُ هُناكَ . . . فأَسْتَريحُ
وأُقَدِّسُ المطرَ الذي يفيضُ مِنْ وادِيكِ
أمْتَصُّكِ حتى يِجِفَّ النهْرُ بين وِسَادَتَيْكِ
وأطْلِقُ رِيحي هائِجَةً … أَمْتَصُّكِ كإِسْفِنْجَةٍ
كيْ لا يَراكِ أحدٌ سِوايَ
أشْرَبُكِ حتى أخرَ قَطْرةٍ
وأقولُ للشِعْرِ إبْتَعِدْ …
كيْ يَعْلوَ بَنَفْسجُها …
إلى عرشِ كرمِلها …
ويا لِحِضْنِكِ … عواصفي… وَرِيحي
فأضْرِمي نارَكِ في ورِيدي
كيْ أقرأَ جَسَدَكِ حَرْفاً حَرْفاً
أقرأُ تضَاريسكِ … تَتمَنَّعينَ تتغنَّجينَ !
ومِنْ ثمَ تُقْبِلين وتُدْبرين !
جفرا حُبُّكِ مثلُ الموتِ … مِثلُ الوِلادَةِ …
صعبٌ … أنْ يُعادَ مرتينِ !
قلبي على شُبَّاكِ خيمتِكِ يحرُسُ
حُلمَكِ الورديَّ ينْتَظِرُ الشُّروقَ
حُلُماً سرَقْتُهُ مِنْ رحيقِ الورْدِ
نَبَتَ فوقَ جُرحِ الأيامِ
هيَّا داوي جراحَ قلْبي المذْبوحِ …
هيِئّْي لي … سريراً أخضرَ
مِنْ شُلوحِ ألأرْزِ … ومِنْ أغْصانِ الشِرْبين
يا ظبْيَةَ عينِ جَدْي يا مَنْ تُسابِقينِ الغَيْمَ
يا مَنْ تُسابِقينَ عربةَ فَرْعونَ
منْ مِثلُ جديلتِكِ الطَّافِرةِ فوقَ جِذْعِ نخلتِكِ ؟
جَفْرا … يا ابنةً … مِنْ نَسْلِ كِنْعانَ ؟
أمامَ حِجالِكِ سَجَدَ مُلوكُ الأرضِ
لكِنَّ بابَكِ موْصُودٌ أمامَ عَصْفِ الريحِ
يَنْتَظِرُني كيْ أقبُضَ على مِفْتاحِهِ
يا ابنةَ قدْموسَ … يا ابنةَ الجنوبِ
كيفَ انْحَرَفَتْ مَرْكَبَتُكِ مِنْ جنوبِكِ لِشَمَالِنا ؟
جِئْتِني مِنْ عَرينِ الأسودِ
جِئْتني مِنْ خُدورِ النُمورِ
جِئْتِني مِنَ الجِبالِ الشّمَّاءِ
مِنْ مَنْبِتَ الرِجالِ !
مِنْ أرضِ الوَعْدِ الصَّادِقِ
جِئْتِ … من كرْمَةِ بَعْلِ هامونَ
وعلى كتِفِكِ سلافةٌ مِنْ كرمَتِكِ
عطِشٌ أنا … مِنْ خَمْرَتِكِ اسقيني !
أنا الفدائيُ الحارِسُ لِبَابِ خَيْمَتِكِ
أنا الناطورُ لِسياجِ كرمَتِكِ
أنا الراعي لِجِدائِكِ
أنا الزَّارِعُ لِحَقْلِ جدِكِ كِنْعانَ