وظيفة الثقافة
المسألة الكبرى هي في أن تكون الثقافة نصيرًا وداعمًا للإنسان الفرد ولكيانه في وجه تغوّل المؤسسات الكبرى وتغلغلها عميقًا في كافة مناحي الحياة، بحيث أصبحت إنسانية الفرد على المحكّ. كيف ننجو من هذه السطوة الرهيبة للإستبداد العامودي والأفقي؟ كيف ننجو من هذا الغسيل الممنهج للأدمغة عبر الأجهزة العملاقة للإعلام وللتواصل وللنشر ؟
الكلمة، الأدب، النصّ، الشعر، الفكر، كلها تنبع قيمتها من مقدار خدمتها للإنسان ومن مقدار مواجهتها للمؤسسات الكبرى الجبارة المستبدة التي لا تني تسلبه إنسانيته. الدولة بأمنها وأذرعه، رأس المال بامتدادته الأخطبوطية، المؤسسة الدينية الموالية للدولة وللمال، إنه ثالوث متحالف ومتواطؤ على سلب إنسانية الإنسان، وعلى الوقوف حائلا دونه ودون الله.
لا قيمة لأي عمل أدبي ما لم يضع نصب عينيه خدمة الإنسان. فلا أدب حقيقي إلا في النطاق الرسالي. كل ما عدا ذلك، لو مهما بلغ من إتقان مبهر وإبداع منقطع النظير، لا قيمة له البتّة، ولا يعدو إلا أن يكون زخارف ولغو وثرثرة.
إما أن يكون الأدب رساليا أو لا يكون. وإما أن يكون المثقف ثوريا أو لا يكون. وإما أن يقول النحرير كلمة الحق في وجه كل سلطان جائر أو ظالم، أو فليعتزل الناس والشأن العام.
لا حلول وسط في الحالات القصوى. ونحن اليوم نعيش في حالة استثنائية قصوى.
(بلال رامز بكري)