” مشوار اليوم ” مع د. قاسم قاسم :
” إغفاءة عمر ”
-×-×-×-×-×-
خلف جدار بيتها، تلمح شجرة عارية الاوراق، وقد رمت أحد أغصانها على حافة نافذة، كان الضوء منها يسابق الوجه، الذي يطل، لكنها فضّلت الابتعاد الى دنيا لاتعرف فيها غير المرآة.
قبل خفوتها على درجة السفر ، حادثت أشعارها، ذرفت دمعة، ثم وقعّت بأحرفٍ هادئة اسمها، وما عادت الى القراءة ، أخذتها الحيرة وراء وهم أضاعته في حقيبة ثيابها، وعندما وجدت وحدتها، استلقت قرب الهاتف تسترجع تلك العاطفة التي فاضت في الغربة.
أخبرتها ، انّ القرميد الاحمر ، حمته طيور الصباح. وان البوابة المطلة على غياب الروح، ما زالت موصدة، لم تطرقها يد.
اخبرتها، انّ الليل يطل باكرا فيبسط وشاحه الاسود مسترخيا عند العتبة التي تأنس بوجوده فيتعانقان خفية عن عيون الناس، والسهرة خربشة اوراق،،صفير ريح، ومطر غزير.
هي في مدينة الغربة، لا تعرف فيها سوى الرجاء، حين صافحت أرصفة البعد، شدّت على الوجد، وتابعت زحفها في شوارع مفتوحة على كل شيء الا ذاتها، تتفرس في وجوه المارة، علَّها تجد وجهاً يشبه وجهه المرمي في عتمة الذكريات.
وعندما تتعب ، تستقبلها غرفة موصدة حتى انبلاج الضوء، وحين استفاقت سمعت صوتا ينادي، عندما أطلت من النافذة ، شاهدت صورته في خيالها، فعادت وغابت في إغفاءة عمر سقط منها على رصيف آخر مدينة، قبل رحيها المفاجئ.
منذ غيابها، مرت سنوات، وكلام عابر على صفحة التواصل الاجتماعي ، انا بخير ، هل انت بخير؟
بعدها أخذتُ رجلي، وجلستُ في حديقتها، متأملا مساحة المنظر، مستذكرا ما وقع من الكلام ، ثم لصقت الى الباب، جئت ولم اجدك!
إغفاءة عمر…قصة قصيرة جميلة بكل ما تحمل معانيها طويلة …قصة تحاكي من اعتزلن الحياة ،وهم يعيشون على نبض ذكريات …
جئت ولم أجدك…نهاية رائعة لامل العودة ورؤية النور يسطع من داخل غرفتها مجددا.