صوت الفرح في صور
تحتفل بالذكرى 32 لتأسيسها
( الشاعر باسم عباس : سيبقى وساما يعلق على صدر الوطن)
***
نقلا عن موقع صوت الفرح :
لمناسبة الذكرى الثانية والثلاثين لتأسيس أول إذاعة في جنوب لبنان في 7-12-1989 “إذاعة صوت الفرح”، الزميل الأستاذ باسم عبّاس الذي تولى إدارة البرامج في الإذاعة لمدة 7 سنوات في تسعينيات القرن الماضي ولا زال يحيط الإذاعة بكل رعاية وإهتمام، أحبت إدارة صوت الفرح أن تكون إفتتاحية العام ال 32 بأنامله التي ما تعودت إلّا كتابة الصدق والمحبّة والوجدان والوفاء..
كتب رئيس الحركة الثقافية في لبنان الأستاذ باسم عباس :
صُورُ شاطئُ الأسئلة حين كلُّ سؤالٍ عاصفة، وقلعةٌ لم تَنحَنِ على مَرِّ العصور ومُرِّ المراحل، وحين مَرَّ الزمانُ بها انْحَنى ثم انْحَنى ثم غفا إلى أن أيقظتْه قصيدةُ الموجِ والرملِ والقلقِ المزنَّرِ بالإرادة، فلمّا استيقظ صرخَ بأعلى فرحِه: أنا آتٍ إليك يا صور كي أُعلنَ انتسابي إلى عاصمةِ الفرح والحريّة والتاريخ المضيء والمقاومة هي ذي صُوْرُ يَنْسلُّ من شرفاتِها ضوءُ العظمةِ والعراقةِ، تُكَحّلُ بالمجدِ أَعْيُنَ المدائن، هي التي كانت مركزَ التقاءٍ وتَحاوُرٍ للشعوبِ القديمةِ وثقافاتِها، جديرةٌ بأن تكونَ في هذا العصرِ مركزًا للإبداع.
هذه المدينةُ أُرجوحةُ الكلماتِ البِكر، من عينيها تتدفّقُ شلّالاتُ أحاسيسِ أبنائِها التي تملأُ جرارَ آهاتِنا عطشًا جميلًا، وعلى أكتافِها تتناثرُ القرى حاملةً في سلالِ الوقت، ذكرياتِ ماضٍ مجيد، وعلى خرير الدهر تؤدّي العصافيرُ صلاتها فوق سطوحِها حيث فَرْفطَ مبدعون وعلماءُ وشعراءُ حبّاتِ قلوبِهم كزهرِ الياسمين!
سنظلُّ ننظرُ الى هذه المدينةِ لنرى أن ليلَها محبرة، وقلْعتَها قلم، ومراكبَها قناديلُ معرفة، وأنها الأجْدرُ والأقدر على مدّ جسورٍ ثقافيةٍ متينةٍ بين معظمِ العواصم، لتغدو، إذ ذاك، منبرًا أقوى من الجغرافيا وأعمقَ في التاريخ، وأوسعَ لدى الأجيال، وأشملَ على مستوى المدارسِ الفكرية، وأرحب في حقولِ حرية التعبير! في هذه المدينة الاستثنائيّة وُلِدَ المنبرُ الاعلاميُّ الرياديّ الراقي ” صوت الفرح”. إنه سِفْرٌ وسَفَرٌ، سِفْرٌ ثمينٌ وسَفَرٌ جميل، سِفْرٌ حافلٌ بالقيمِ الانسانيةِ النبيلة، وبالمعاني المنْحُوتةِ في صخرِ التجربةِ بإزميلِ الإرادة، وبلغةٍ رشيقةٍ عذبةٍ ومشوقة. وسَفَرٌ على أجنحةِ الإنتماءِ الصادقِ إلى فضاءاتِ النضالِ الوطنيّ اللا محدود الذي أهمُّ أولويّاتِه الجنوب اللبناني وفلسطين كونها القضية المركزية بامتياز.
صوتُ الفرح، حتى آلامُه خضراءُ خضراء، شفتاه مُبْتلّتان بحبرِ الحقيقة، أحلامُه دروبٌ لطالما أورقتْ فيها النجوم شبابيكُه مرايا لشمسٍ لا تغيب، واذا ما غابت ذاتَ يومٍ فلِكَي تعودَ أجملَ مما كانت، أبوابُه جروحُ البرق، سقفُه غيمةٌ تتّكئُ على سؤالين: مَنْ زرعَ في شرايين السماءِ صوتًا لتُمطرَ دفئًا وبرْدًا في آن ؟! ومن أَشْعلَ الجمرَ في عيونِ المساء لتصدحَ شفاهُ النساء بالفرحِ والأملِ والطمأنينةِ والانتصار.
نلتقي بصوت الفرح التقاءَ البسمة بالشفتين، والدمعةِ بالعين، والقصب ضفّتَي النهر، والنعاس بصباحٍ ينزفُ ضوءًا تحتشدً فيه الحياة، ونلتقي التقاءَ ذراعَي بحرٍ هادرٍ على خصرِ شاطئٍ حالم، وجرحين تحت نَفْنافِ ملح، وموقدتين على حبّة كستناء، وقريتين على وجه فلّاحٍ طاهرٍ بريء، ومدينتين على خارطةٍ تكادُ السياساتُ الخارجيةُ الرعناء أن تُدمّرَهما وتُدمّرَ معهما أحلامنا وأحلامَ الأجيالِ القادمة.
والأهمُّ الأهمّ أننا نلتقي بصوت الفرح التقاءَ بابَيْن يُفْضِيانِ الى بيت الفكرِ والمعرفةِ والإبداع، لهما مفتاحٌ واحدٌ هو الحريّة.
صوت الفرح اذاعةٌ ظلّتْ طليعيّةً أداءً ومواقف، واستمرت مرآةً ناصعةً لكلّ مناضلٍ حقيقيّ، لكل مثقفٍ نقيّ، لكلّ بحّارٍ يصارعُ الرياح والأمواج، لكل مزارعٍ يسكبُ روحَه في التراب، لكلِّ صناعيٍ أو تاجرٍ أو رياضيٍّ أو أديبٍ أو شاعرٍ، ولكلِّ فكرٍ مقاوم.
صوت الفرح: شكرًا لسِفرِك وسَفَرِك، دائمًا تجمعُ الأصدقاءَ والأحبّة تحت عباءة أثيرِك المطرّزةِ بخيوطِ روحٍ أصفى من فجرٍ في آذار وأشدَّ توهُّجًا من ظهيرةٍ في تموز.
مهما تهاوى الإعلام، ومهما بلغ من الاسفاف، فإن صوتَ الفرح باقٍ على رصانتِه وحِسِّه القياديِّ العالي وتعاطيه بروح المسؤوليةِ العميقة، ووسامًا يُعلّقُ على صدرِ الوطن