ضوء الشمس
في شهر أغسطس/ آب2020، أعلنت شركة LLC للإستشارات عن عرض عمل شهير “ضوء الشمس” للفنان الفرنسي كلود مونيه- Claud Moneit، بتقنيةNFT، وذلك في تجربة لبيع لوحات الفنانيين خارج دور مزادات الفنون التقليدية. وقع الإختيار على هذة اللوحة، من بين جميع لوحات الفنان والكاتب والرسام، مونيه، لأن ضوء الشمس يستيقظ العالم.
رسم الفنان، ضوء الشمس في الحقول والبساتين. كانت الألوان الذهبية أخاذة وهي ترسل أشعتها بكل حنو ورهبة بين الأشجار وفوق أكمام الأزهار، وعلى التلال والوهدات والمنبسطات، تكلل المكان. تلبسه حلة العرس. وتنشر فوقه وشاحا من ذهب.
منظر “ضوء الشمس” في الصباح الباكر أخاذ للغاية. يغمر الأرض كلها. يجري الأشعة مثل خيوط المطر الناعم بلا إنقطاع. ثم يضيء المكان فجأة، مثلما يغسله المطر.
خيطان الشمس وخيطان المطر، من نسيج واحد. نسيج الرحمة على الأرض. كيف إذن، تنتهي خيطان الشمس، خيطانا من مطر. ذلكم هو السؤال!
خيطان المطر، سليلة خيطان الشمس. هذا أول النسل. أول ما عرف من النسل على الأرض. تحضرت لتستقبل آدم، وتنسج له بردته الأولى التي إرتداها، من خيطان الشمس ومن خيطان المطر. وتخضل منهما ورقة التين، فتكون أول لباس رسمي، في عرس آدم وحواء.
شمس تغزل المطر بمغزلها. ومطر يغازل الشمس، وهي ترسل له خيوط شباكها الذهبية شكة فرح، فوق قبة الأرض. فيسارع المطر كل عامه كل يومه، يغسل بين الفينة والفينة، بين الموسم والموسم أستارها. فهو كلف بها. فهو، دهره كله، مكلف بها.
شمس تنسج أستار الأرض وألبسة البساتين وأسيجة الحقول، وأكسية الينابع والوديان. تنسج الأغطية الزرقاء للبحار والمحيطات. تنفح في أذن السماء، صوت البرق والرعد. وتجعل أمواجها تفغر فاهها، كأعظم ما يكون الفاه. ثم تجعله يرشق الأمطار، رذاذا رذاذا. ومراشيق مراشيق. وتسيل الأنهار، مثل الحيتان الفزعة. مثل الحيتان الجائعة.
في لوحة كلود مونيه: “ضوء الشمس”، تنبسط الحقول والبساتين. تنبسط الطبيعة، حين ترى أمها تزورها مع الصباح. تلوح لها بشالات الذهب. تلاعبها، كما تلاعب أبناءها وأحفادها: شجر دهري معمر. وغصون يانعة. وأزهار تخرج باسمة في شقوق الأرض. وأحجار كلها مستيقظة. كل حجر يقول لشقيقه متثائبا: لا أحب الخمول. جاءت الشمس، فإستيقظ الحجر.
سجل “ليوناردو دا فينشي”، خبطته الفنية، حين رسم “البسمة الهاربة”، على وجه. وجاء “كلود مونيه”، بعده بقرون، بإضافة فنية: سجل البسمة القادمة من وجه إلى وجه. من وجه الشمس، بلا وجه شمس. رسم بسمة الشمس ضوءا متسللا غامرا. نقل بسمة وجه الشمس، إلى وجه الطبيعة. أخفى وجه الشمس، وأبقى على ضوئها بسمة قادمة مع الشروق، نقابا من ضوء، يذهب وجه الأرض.
عادة، تأتي الشمس باكرا، لتدفئ أجنحة العصافير. لتدفئ أكف الأطفال الصغار في المدارس والرياض. لتجري الدماء في عروق الفلاحين والصنايعيين والعمال. لتدفئ الأزهار وأجنحة الفراشات، لتلاعب رؤوس السنابل، وتضيئ الأيكات لرفوف الحجال، ولدروب الظباء والغزلان. تضيئ حجور الحيات، فتخرج لخلع ملابسها، وتسعى “جرهمية”، مثل “أفعى جرهم”، في الأرض.
لا تتأخر الشمس عن موعدها، في الحضور الصباحي، إلى الحقول والبساتين. توقع في موعدها، بقلمها الذهبي، على سجلات الحضور، في جميع دوائر الأرض دفعة واحدة. ثم تأخذ في الإنتقال، برجا برجا. ثم تستأذن الأرض بالإنسحاب، لينام الأطفال بهدوء . بلا صخب ولا ضجيج. ترمي ظلها عليهم. ثم تأتي في الغد، تستيقظهم من جديد.
كلود مونية يستيقظ الأرض ب”ضوء الشمس”. سطر “ضربة” إضافة في الفن التشكيلي: رسم ضوء الشمس. أبدع يقظة الأرض. وجعل خطوط الشمس، تصنع خيوط المطر، وتنسج رداء الطبيعة المذهب، كل يوم من جديد.