فيروز مَن مثلُكِ مُسِحَ بزيت الألهة ؟
بقلم الكاتب. والشاعرة دوريس خوري
-×-×-×-×-÷-
- خاص موقع ” ميزان الزمان الأدبي في بيىروت :
من الصعوبة أن يكتبَ الكاتب عن توأم روحه أو عن فردٍ من أفراد أسرته باعتبارها فرداً بالروح ليس بالجسد كيف لا وهي رفيقة غربتي ووحشتي في الليالي المُعتمة ، هي قيمة وقامة فنية تطال الكواكب والنجوم .
فمنذ أشهر وأنا أحاول أن أكتب عنها عبثاً أحاول تهرب مني الكلمات وتنسلُّ من بين أصابعي تُعلن تمرُّدَها إلا أنَّ في ليلةٍ مباركةٍ حلَّتْ عليَّ روح النعمة الإلهية فصارت الكلمات تتدحرج في رأسي تدحرُجَ الصخور من أعلى قمة الجبل نزولاً إلى قعر الوادي وصدى الدحرجة يملأالمكان يضُجُّ في داخلي تدعوني للنهوض وامتشاق القلم كي أكتبَ ما تيسر من كلماتٍ تليق في تلك الشخصية فهذه الحالة التي اعترتني أعادتني بالذاكرة إلى دعسات الغزاة قُبالة المحاربين وهم في حالة كرٍ وفرٍّ إلا أن تستقر تلك المعمعةُ تأخذ مكانها في تدحرُجها من أعلى القمة إلى قعر الوادي فتعلق روحي ما بين السماء والأرض حائرة من أين أبدأ وكيف
أنتهى .
من السماء نفهم الأمور السماوية العصية على الفهم ، فقط بروح النعمة نفكُّ تلك الرموز والمفاتيح ، من قعر الوادي نفهم غوامض العالم الأرضي الخفي وبواطن النفس البشرية نستخرج منها درراً ثمينة وأحجاراً كريمة ففي هذا التأرجح ما بين السماء والأرض تغدو مراسلاً ما بين ملائكة السماء وما يوحى لك ، وما بين الأمور الأرضية في اكتشاف النفس البشرية في تعقيداتها وسهولة اكتشافها إن سبرْتَ وغُصتَ في أعماق تلك النفس حينها يحلو لك غرْفَ ما تريد من جمال .
يقولون عن السيدة فيروز إنها سفيرة النجومِ على الارض وأنا أقول :
هي صوتُ الله على الأرضِ صوتٌ صارخ في البرية يقول :”أعِدُّوا طريق الرب”
تلك الرسالة التي بشَّرَ بها يوحنا المعمدان عندما دعاه السيد المسيح عند نهر الأردن طالباً منه أن يعتمدَ على يديه ، ها هي اليوم فيروز تُعيد نشر تلك الرسالة وتبُثَّ فيها من جديد روحاً عصرية في صوت صارخٍ يدعونا للمحبة بصوتها غناءً ، نشيداً ، تهليلاً وترنيماً ، تدعونا كي نسلك طريق الحق، الخير الجمال ، الكمال ، والتقرب من الذات الإلهية تلك الشخصية الفنية الراقية بارتقاء السماء والكواكب هي مَنْ منحتْ شعوبنا
وأوطاننا الامل والإيمان بقدرة العلي صانع السلام والفرح في عتمة الليل الداجي ، تلك الروح الوئامية المتعانقة مع غيمات المطر مع أسراب الطيور مع سنابل الحقول مع حبات خيرٍ متجذرة في نفوس الأهل والاجداد ، هي دندنات عازف في ريشة فنان في كلمات كاتب وشاعر في إزميل نحاتٍ في هدهدات طفولية في حشرجة مُتعبدٍ في كشف عرفانٍ لعارفٍ ،
فيروز تلك النفس المُتعبدة المُعمدة المُتسربلة بوشاح النور السماوي بأمر من ملاك الرب دعاها أن تصعد الى الجبل كي تتلقى وصايا المحبة من فوق شواهق جبال أرز الرب وقمة جبل حرمون ،
صعدت مثلما صعد النبي موسى فوق طور سيناء كي يتلقى لوحَيْ الوصايا هكذا دعاها الرب أن تعتلي الجبل المبارك لتقول للاجيال
من هنا من أعلى قمة الجبل إن سلكتُم سُبُلَ الحكمة العفة والمحبة
لكُمْ المجد والخلود ، ولكي تكمل رسالتها الموحى لها دعاها الملاك ثانية أن تنزل إلى الهاوية إلى قعر الوادي الى الارض المنبسطة تأخذ بيت الفخَّاري مسكناً لها ومساكن الرب كثيرة تتسع لكل المؤمنين .
دعاها مثلما دعا الرب النبي إرميا أن ينزل قعر الوادي ويتخذ بيت الفخاري مسكناً له حيث يوحى له أن يفهم بواطن النفس البشرية وسبر أغوارها كي يُعيد جبْلَ النفوس المثقلة والحبلى بالأثام وأن يُعيدَ جبلة تلك النفوس الضعيفة إن أراد ت أن تُصلح ذاتها المُتهالكة وأن يسمح للرب أن يعيد جبلته من جديد .
بهذا الهبوط الى قعر الوادي تعلمت فيروز الأسرار الخفية الكامنة كي تستخرج دُررَ الكلام من فم الشعراء ومن ريشة الفنان كي تقول لنا إن مسكن الفخّاري الكامن في أعماق نفوسنا في هياكل قلوبنا باستطاعتنا أن نخلق من أنفسنا طينة جديدة قبل أن تتصلب فلا تعود قابلة لإعادة جبلها قبل أن تدخل أتون النار فيصعب إعادة تشكيلها
فلنصع من نفوسنا أواني مقدسة يباركها الرب ويحفظها من الفساد أواني نملأها بزيت المحبة وقوارير عطر فواحٍ وخمرةِ جديدة تُسكِرُ الكرَّام في أواني جديدة تُحفظُ من الفساد .
فيروز أنتِ عشتروت بكل أدواركِ أيتها العزيزة منذ عشرات السنين ونحن نلتقي بصوتكِ المخملي مع الألحان السماوية على الاثير الصباحي عبر الإذاعات وشاشات التلفاز ، تُغازلين الصباح تخاطبين الفقراء والمساكين والمشردين في فلسطين وكل الشعوب المنكوبة في أرجاء المعمورة
فتصل كلماتكِ إلى القلوب الجائعة المتعطشة لسماع صوتكِ فتُهدِّئين
الخواطر وتُبلسمين الجراح
أيتها الفنانة المطبوعة من لحن سرمدي أنتِ النغم الشجي في قيثارة أورفيوس أنتِ ارتعاشة الوتر الناعم والضمير المُعزي لجميع البؤساء والحزانى والمشردين في الارض تُغنين فتغار منكِ العنادل فتنزل الملائكة من عليائها مُردِّدةً ألحانكِ الرائعة وصوتكِ الملائكي الذي لا يُعادله صوت ! مدرسة الرحباني كانت ولا تزال المرفأ الأمِن لكل تائه في ليالي الإعصار هي البيت الدافىء لكل بائس في ليالي الزمهرير لكل جائع لأنكِ تُعلِّمين الجميع كيف يكون كل مشردٍ مسكينٍ كالحصان الجامح يعرف كيف يُدوزِنُ الصهيل في كل صباحٍ باكر مع زقزقة العصافير وفي كل مساءٍ حالمٍ
البحر وحده يعلم أيتها العزيزة أنني أبحثُ لكِ ولجميع أفراد العائلة الرحبانية عن وطنٍ تسكنه العصافير وتُشرق فيه الشمس وتُزهر أشجار اللوز وذلك لأنني أمشي على حدود الياسمين الذي يتدلى على نوافذ بيتكِ العامر فأدعوكِ إلى قهوتي الصباحية وأهيمُ في دهاليز الكون حتى جذور الزنبق لأسكن حزنَ عيون اليتامى والمساكين وأصَلي مُصدرة آهاتي ومناجاتي إلى أحلامكِ الزهرية قبل أن تنامي في كل ليلة !
لكِ أيتها الارزة الخالدة أسكبُ قارورة شوقي الاسطوري وأغني لحنيَ العتيد باحثة عن ذاتي بين أجفان القرنفل في ميناء عمري عند حدود صوتكِ أهمس في أذنكِ من خلف جدران شائكة وأقول :
في البدء لم تكن الشمس ولا القمر
في البدء لم تكن النجوم بل كان الكمال
كانت هناك ، عيناكِ تشعلان ببصيصهما
موقد الكون ليُنيرَ جحافل النشوة سبلَ التكوين الأولى
منذها ، صار الورد يتورط كلما مرَّ عطرُكِ ببساتينهِ
ويتلبك البلبل كلما سمع همسكِ
مذها صارت أغاريد الحساسين تجعل مُقلَ اليراع تدمع
لأنه لولا النور ستغضب الشموع من شدة الظلمة
فأراكِ من خلف البقع الليلية الليلكية
على سحنة النهار فأناديكِ
أخرجي من حلمي الى واقعي
فحبي لكِ بلا حدود
حينها تهدأ روحي خلف صدى صوتكِ
هناك …. حيث أنام .
هناك …. حيث أنام .
فيروز …. من خلال أغانيكِ ، ترانيمكِ ، أهازيجكِ أنتِ الام التي تُهلل للطفل الرضيع كي يغفو فوق صدر ها تهليلة ” يلا تنام يلا تنام تا دبحلك طير الحمام” ، أنتِ الزوجة المحبوبة الوفية والمحاربة الخفية خلف العسكر تدُبين الحماس في عروقهم ” بييِّ راح مع العسكر حمل سلاح حارب وانتصر بعنجر ” تنشدين الأغاني الوطنية كي يفهم العدو أن وطنكِ عصيٌّ ومُحرمٌ على الغزاة العابرين
غنيتِ للمناطق المهملة في وطنكِ في الجنوب المجهول “سألوني شو صاير ببلد العيد مزروعة عا الداير بنار وبواريد ” اعتبرتِ لبنان هو العيد الدائم
على مدار السنة ، أنتِ المعشوقة عند الحبيب المُنزَّهة عن النزوات
والإنزلاقات في عمر الصبا ، أنتِ الملكة المُكللة المُتوجة بالمجد الهاربةِ من أضواء الشهرة الزائلة .
يا كاهنة الأرز المُعتلية مساكن جوبيتر وهياكل بعلبك أنتِ الملكة المُتوجة في مملكة بترا ، أنتِ المُتعبدة من أعلى قمة جبال الارز وحرمون . هناك
همستِ في أذن الاله ” ع بابك غنيت ع إسمك راح غني ركعت وصليت والسما راح تسمع مني ” أنتِ المُترهبة في صومعة النساكِ العارفين أنتِ النساجة التي جمعت خيوط المتخاصمين في الوطن العربي صوتكِ وحده يوحدهم والمقولة المعروفة إن اختلف العرب في السياسة صوت فيروز وحده يوحدهم ، أيتها الحائكة هُدبَ أثواب مدن وعواصم العرب يا مَنْ جمعتِ أطرافها من محيطها لخليجها لتلك المدن المُتهالكة والمنهكة من الحروب ، ألبستها ثوب المجد والكرامة ، أيتها الطبيبة المداوية الشافية للنفوس السقيمة المُعبة من سآم الحياة
تناديهم ” تعالوا الي أيها المتعبون وثقيلي الأحمال وأنا أريحكم “
خاطبتِ الجماد فجعلت من حجارة الوادي شخوصاً ناطقة غنيتِ للبحر للقبطان في وحشته من المجهول والأمل المرجو في عودة
ميمونة ، غنَّيتِ النموذج الريفي والحضاري على السواء بكل تفاصيلهما منذ ولادة الإنسان حتى رحيله ، أغانيكِ الريفية بكل صورها أزاحت الغمامة عن عتمة الريف جعلته مُضيئاً صافياً بكل أنماطه وتفاصيله ، في صورة الفلاح في صورة الراعي الأمين لقطيعه وأن القرية فيها وافر الخيرات والمواسم تلك الصورة تشكلت في وجدان الناس نقطة تحوُل من رتابة حياة الفلاح والراعي والمزارع الى فلاح يغرق في طاقة إيجابية وأن هؤلاء الذين يقدمون لنا الغذاء والفرح وقناعتهم التامة أنهم هم أهل الأرض وورثتها الحقيقيون تلك الأغاني المغموسة بالطاقة المعجونة بالفرح من خلال أغانيك الشعبية الجديدة الوافدة على المُستمع العربي رفعتِ من مستواهم فطُبِعتْ تلك الأغاني في ذاكرة ووجدان الناس بنفحة عصرية جديدة لحياة قروية هانئة بعيدة عن زحمة المدينة ورتابتها
فيروز أنتِ مَنْ غنيتِ لشتى المواسم لموسم الزرع والحصاد والقطاف وكل ما تُعطيه الأرض من خيرات غنيتِ للجداول للبحر للسماء للتل المرتفع هناك حيث تُحاكين الله عندما أسمع أغانيكِ أشعر أني في كوكب أخر حيث تلفُني سحابة الخيال تأرجحُني بين السماء والأرض تارة فوق النجوم والأقمار فوق السماء السابعة وتارة أخرى تهوين بي الى قعر الوادي حيث الارض المنبسطة في القرية وفي البادية فتغنين ” دقوا المهابيج خلوا الهوى جنوبي ” وحيناً أخر تُغنين المدينة للمقاهي للارصفة لمفارق الطرق حيث التقى عشاق اتنين صغار ” وع هدير البوسطة ” تتنقلين مثل عصفور تحطين بصوتكِ فوق الشاطئ للبحر المجهول الهادر بموجه أنتِ من جعلتِ من اللاشيء شيئاً من اللا قيمة قيمة .
تيهي أيها الملاك وارتقي بنفوسنا المُثقلة بالهموم والأحزان حلقي بنا فوق غيمات السحب واعجنيها مع حبات مطر واجعلي عشقنا عشقاً صافياً نقياً بنقاء روحك الممسوحة بزيت الالهةِ بصوتكِ اللامع لمعان الزيت الطهور .
لقد مسحكِ الله بزيته المقدس قبل أن تمسحكِ الخليقة فألبسوكِ تاج العز والفخار توجوكِ ملكة على المطربات والفنانات
أيتها الجوهرة النادرة لامسي أرواحنا الضجرة من سآمِ الحياة فجِّري عروقنا الذابلة وامنحينا حياة جديدة .
فيروز أنتِ تقربينا من الله تحملينا فوق غمام اللحن السرمدي أنتِ من استوطنتِ قلوب
الملايين، معكِ أغدو طفلة أعدو بين الحقول وغمار الحنطة أسابق الطيور والفراشات صوتكِ يُعيدني طفلة مُضمخة برياحين الطهر وبراءة الطفولة .
بكِ أغدو روحاً بلا جسد تنقلينني من ضفة لأخرى تؤرجحينني بين عرائش العنب وأغصان
التين واللوز والرمان ، قبلكِ لم أعرف طعماً للعيد لم أفهم تسابيح الملائكة يصدحون بين أقبية الهياكل والمعابد قبلكِ لم أفهم عرفان العارفين ولا شغف العاشقين ، قبلكِ لم أتسلق المنحدرات والصخور لم أرتقِ قمم الجبال هناك حيث عرش الله يسمع مناجاتي وخلجات صدري هناك عند
عتبة الإله غنيتِ أجمل ما سمعته الخليقة من همس الاله للبشر
من أي طينةٍ جُبِلتِ يا امرأة؟ ! من طينة حواء أم من أوردةِ عشتروت ؟ !
من طينةٍ مسَّها الإله وباركها فكنتِ من المُبارَكين الخالدين ؟
أنتِ صوتُ الرعدِ في همساتكِ ؟ ! أم أنتِ الصوت السابح في فضاء المعمورة في ثنايا الأرض
في شساعة الصحراء القاحلة ؟ !
أأنتِ لحن أورفيوس المُروض للوحوش الضارية أنتِ المُهدئ من روع القبطان المسافر مع المجهول
فيروز أسميتكِ عشتروت أم الخصبِ أم العطاء أم العاشقين أم المُتعبين ؟! أنتِ كل الأسماء أم كل الاشياء ؟ ! .
يقولون : البقاء للأصلح وأنا أقول البقاء للخالدين أيتها الخالدة المُنسلة من سلالة قدموس وبيبلوس من سلالة العماليق أنتِ شلحٌ من شلوح أرز لبنان وشربينه أنتِ النفحة المُنسابة من بين أنامل خالق الكون نفح من روحه وقال : كوني فكانت فيروز .
أنتِ من تغنيتِ بالاوطان بالعواصم بالمدن غنيتِ مكة ، شآم ، عمان ، بيروت اٌسكندرية
شوارع القدس العتيقة ، غنيتِ المستضعفين في الأرض المقهورين تحت نير الغزاة والجلادين غنيتِ للطفل للشاب للأم للأب للجد للجدة لكل فردٍ في البيت غنيتِ عتبة البيت وزواره .
أنتِ القادمةٌ من الافق المُخضب بالالام وعذابات الشعوب المقهورة المُستعبدة والمُداسة تحت نعال الحكام الظالمين
عندما أسمعُ صوتكِ أشعر أني مُهرة تُسابقُ جياد فرعون وهذا الصهيل في صوتكِ يُحيي النائمين في القبور المُكلسة فتخرج تلك النفوس الذابلة من عتمة القبر تنشد تُهلل خلف جوقتكِ
الملائكية أذكرسماع صوتكِ للمرة الاولى في حياتي في عمر الطفولة حيث لا تسمح لذاكرة الطفل الوقوف عند لحن جميل أو صوتٍ شجي فلا أنسى ذاك اليوم حيث كنت بعمر العشر سنوات في صباحٍ ربيعي مُبلل بقطر الندى كنت برفقة عائلتي نتجه صوب قطعة أرض كي نزيل الاحجار والشوائب من تلك الارض التي أعددناها كي تتحول من أرض جرداء إلى أرضٍ زراعية بينما برودة قطرات الندى تتسلل الى ثيابي وتلامس اطرافي فتصيبني قشعريرة صامتة عندما أسمع صوتاً لم أعرف صاحبته وهي تغني ” طلع الصباح فتاح يا عليم ” سألت أختي ابتهاج التي تكبرني سناً وهي متأبطة بمذياع صغير تضعه في جيبها قلت : من هذه السيدة التي تُغني قالت : هي مطربة لبنانية إسمها فيروز من حينها بدأتُ أنصتُ للمذياع عندما أسمع صوتها ومن هنا بدأت حكايتي معها حتى وصلت إلى أن أمتشمق القلم وأبدأ مشواري مع الكلمة برغم صعوبتها وتشابك تعرجاتها التي تنهك الكاتب فكنتُ عندما أسمع صوتها وكأني مولودة من جديد تائهة في براري الحياة صفحة نظيفة لنفس خالية من كل حزن ومن كل كراهية
في تلك اللحظة المسحورة التي أسمع فيها هذا الصوت المرافق للحن الجميل بدأتُ أعقد تلك الحلقات المترابطة من صوت لحنٍ وكلمة بدأتُ أفكُّ تلك الشيفرا الخفية أن الله الواهب للمستحق أن يغدق عليه بتلك النعم سواءً في الغناء اللحن والكلمة الشعرية الجميلة التي تُكلل ناصية الأغنية فيجعلها عقداً مترابطاً يُعلق فوق ناصية القلب ويحفر في وجدان كل متذوق للفن الجميل بعد تلك اللحظات المسحورة التي تعتريني تأخذني إلى عوالم خفية تقيدني بسلاسل حديدية فلا أشعر بقسوة قيدها بل بنعومة انسيابها إلى أذن السامع ، هكذا بدأت حكايتي مع فيروز حكاية بدأت ما زالت وكيف تنتهي لا أدري ؟ !