” روح ”
بقلم الكاتبة والشاعرة د. نادين سمير طربيه
-×-×-×-×-
…وسرتُ في طريق الحياة روحي أمامي، مثقلةٌ هي هذي الرّحلة كسابقاتها، لا نصّ يشفعُ فيك، لا رؤيا…أنتَ هنا، تحتاجُ إلى الصّمت فقط.
أثقالٌ تشدّ بنا إلى القحط …در… وبقايا نسيم يلمّنا، لابد لروح عتيقة من ترف التّخلي لتطير قدر أنملة عن ذاتها لعلها تبصرُ…
لا بدّ لنا من معانقة القبول المطلق…
ها أنا أخلع صورتي وصوتي أمامكم وأتعرّى ولا يبقى لي من هذي المهزلة إلا خبراتي التافهة في عمقها، أمام عظمة الطاقة الحيّة…
من أنا؟
لم يعدْ يهمّ، ولكني لستُ أناكم!
لستُ ما ابتدعتم فيّ من برمجةٍ وتقنيات…عرفتُ ذلك مؤخّرًا ومتأخّرةً قليلًا عن ليلي السّابق متأخرةً كحلم تعرقل بيقظةٍ…متأخرة في تمام الحين كقدرٍ…
وجدتُ في دربي أرواحًا تعرفني منهم اخترتهم أعدائي ومنهم أحبّائي…وكنتُ لكلّ روحٍ منهم على أتمّ الامتنان والشّكر. كانت الرّسائل تصلني وهذا هو الأمر الأهمّ وكنتُ ادركُ أنّ سقوطي في الهنا والآن لم يكن عبثيًّا.
لم أحضرُ هذه الأوبرا لأبدأ بل لأنهي…فالبدايات تبدو دومًا مثاليةً في رونقها المفجع، أمّا الخواتم، فهي اللّمسة الأخيرة قبل الموت والولادة، هي القبلة الأخيرة على ثغر اللوحة لتعلن تمرّدها…
وأجدني وسط هذي الكآبة جميلة (من قال إنّ الجمال لا يشبه الكآبة في شيء؟) جميلة في كلّ فسيفساء تسكنني وحيدة لكن متّصلة كالسين في وسط الكلمة، واكتشفتُ الآن أنني اخترتُ كلّ شيء بما في ذلك ألمي ومكامن السّلام في كوكبي.
ووجدتني في هذي الحياة أحلّقُ واطفو فوق كلّ شيء بما في ذلك ذاتي وكانت الألوان تحيطُ بي وكنتُ أرتقي وأسقطُ إلى علُ.
ووجدتني أبتهلُ.. بعد أن غسلني الماء المقدّس بالملح والغار :
” لا توقفوا
هذي الدوّامة
فلم أعدْ أرغبُ
بالنّزول…”
د. نادين سمير طربيه