التاريخ: 06/11/2021
المقال رقم: 47/2021
قيساريــة
بقلـم: رشـا بركــات– حكايــات رشـا (رايتـش)
-×-×-×-×-
“….ومشيت ومشيت ومشيت بطريقي سرقني الزمان …”
نعم، أنا مشيت في طريقي يا مبدعنا ملحم بركات فوجدت،،،،،”قيساريا”…
قيسارية التاريخ العريق
“قيسارية” هي من أقدم المدن الساحلية الفلسطينية التاريخية والعريقة حيث تقع في الجهة الجنوبية من مدينة حيفا وعلى بعد 37 كم تقريبا. أسسها الكنعانيون فأسموها “برج ستراتسون” لكن “هيرودوس” هو الذي أطلق عليها إسم “قيصرية” إكرامًا للقيصر الروماني “أغسطس قيصر”.
إحتلّ “الصهاينة” مدينة “قيسارية” سنة 1947 عبر سياسة الهدم والقتل والتهجير بالعنف فبنى الإحتلال على أراضيها بعد التطهير العرقي، مستوطنة / مغتصبة “أور عقيفا” سنة 1951 وكذلك أتبع أراضي أخرى منها إلى مغتصبة “سدوت يام” التي تم تأسيسها سنة 1940 أي قبل النكبة وعن طريق الإنتداب البريطاني الماكر، الذي أتى فلسطين بهدف تسليمها إلى محتلها اليوم وهكذا كان… فمغتصبة “سدوت يام” بنيت في الأصل على أراضي “خربة أبو طنطورة” المسروقة، والتي تقع جنوب قيسارية.
ما الذي حصل في مدينة قيسارية التاريخية سنة 1977؟
في هذا التاريخ المشؤوم، سنة 1977، تم قوننة ونسب مركز “كيساريا الريفي” للمحتل وتحت مرأى ومسمع دول العالم أجمع.
لا أعرف ماذا أقول في ظل غياب الضمائر العالمية، طبعًا إلا ما رحم ربنا فالله أعلم بالقلوب، لكن…هناك ألف لكن ولكن عندي…
تتميز مدينة قيسارية بموقع أثري غني جدًا حيث التاريخ الروماني يطل علينا فاتحًا نافذة التفوق الهندسي فنجد آثاراً لمدينة رومانية بأكملها مع مسرح ضخم وحلبة سباق وكذلك معبد وجدران صليبية مع العديد من الآثار البيزنطية والصليبية والإسلامية.
قيسارية ساحرة أخاذة بجمالها وعراقتها يكفي أنها رمز وأيقونة لتعاقب الحضارات…تبقى الحسرة في نفوسنا وقلوبنا لأن تاريخ مدننا الفلسطينية التي تعد من أقدم المدن التاريخية حول العالم والتي ينطق فيها التاريخ، جعلها المحتل اليوم كمزهرية عادية على طاولة عشاواته مع أغلب حكام العالم فتعاملوا مع الحضارة كأنها يوسف الطفل عندما كان يباع كعبد في سوق النخاسة وتم بيعه بثمن بخس….
فهل يمكننا إعطاء عمر 80 سنة (عمر ما أسموه دولة لإحتلال) للمدن التي كانت موجودة منذ آلاف السنين؟ أي جنون هذا!
حكايتي هذه لن تعطي قيسارية حقها لأنني لن أفنّد عنها كل شيء، ولأنها مدينة غنية جدًا وفيها كنوز متنوعة أكاد أعلم عن بعضها ويفوتني الكثيرعن بعضها الآخر..
التطهير العرقي في قيسارية
كما حصل في مدينتي “يافا” العريقة والتاريخية سنة 1948، كذلك حصل في مدينة قيسارية، تطهير عرقي ومحاولة إبادة جماعية للمدينة بهدف الإستيلاء عليها، لأهميتها. فقد ذكر “المؤرخ” الصهيوني “بني موريس” في كتاباته حول قيسارية “أن فرق ال”هاغانا” قامت بتهجير كافة / أغلب سكان وأهل “قيسارية” الأصليين في 15 شباط بواسطة وحدة “البلماح” الصهيونية”. فكانت من أولى المدن التي تم تهجير أهلها في فلسطين تقريبا وكذلك يافا وغيرها…
الجدير بالذكر هنا، أن العائلات الفلسطينية الأصلية من المدينة التي كانت تحاول أن تبقى بشتى الطرق، قد تم تدمير منازلها برغم بقائها من قبل وحدة “البلماح” أيضا في 20 شباط للعام 1948 أي بعد تطهير المدينة ب 5 أيام…ما أسميه أنا، تطهير على التطهير…
أمر التطهير هذا لاقى بعض المعارضة في صفوف الإحتلال ذات نفسه فمثلا، “يتسحاق رابين”، من ضباط ال”بلماح” المشرفين على العمليات العسكرية، لم يكن موافقا على هدم البيوت وكذلك مسؤولًا رسمي في حزب “مبام اليساري”، بحجة أن أهل مدينة قيسارية كانوا يريدون الأمن والسلامة فكانت النظريات السياسية لهما في كيفية تنفيذ الإحتلال ميدانيا تلاقي بعض الإختلاف عن بقية أعضاء هيئة الأركان العامة لل”هاغانا” الذين أمروا بالهدم والتدمير في إجتماعهم. والمضحك في الأمر، أن المؤرخ موريس هذا يحاول في كتاباته أن يزور في تاريخ أهل مدينة قيسارية وحقوقهم في ملكية المنازل والدور والبيوت، فقد كتب بأن تلك البيوت التي تم هدمها كانت أملاكا يهودية وأن “أهل المدينة” كانوا يستأجرونها!
لا أعلم كيف أرد على هذا الغباء الذي تم سرده بقلم أسموه “مؤرخ” وأنا أسميه لص مقونن.
سؤالي الأول: هل من المنطقي أن يكون هناك أغرابا جدد يملكون بيوت الأهل القدماء وبالتالي هؤلاء القدماء يستأجرون من جدد وغير معروفين؟ تبرير هزيل جدًا للإحتلال وفي منتهى الهشاشة…
أما سؤالي الثاني: هل اليهودية قومية أو ديانة؟ فإن كان هؤلاء يعتبرونها كقومية، إذاً فلا وجود لتوراتهم وعليه، فإن الخريطة التوراتية وكل ما ابتدعوه اليوم حول السيناريو “الديني” هو باطل.
ليت محتل وطني يرد على أسئلتي بالمنطق دون مجموعاته الإستخباراتية وعنفه وإرهابه. ليتنا نتحاور بالعقل والمنطق والحكمة، لكن وللأسف، هل أنا أريد جوابا من مجرم؟ من سارق؟ من فاقد للأمانة والمنطق والعقل والتعقل والحكمة؟ ففاقد الشيء لا يعطيه يا رشا…
دمر الإحتلال بيوت أهل مدينة قيسارية الحقيقيين وأبقوا على 6 منهم لنقص في الذخائر ومن بعدها تم التعامل مع الأمر حيث كان الهدف هو تمشيط الساحل الشمالي لقضاء يافا بشكل كلي من أجل التركيز على ما أسموه “تل أبيب” وهي مدينتنا يافا العريقة لكي تكون عاصمتهم الاقتصادية ويتبعها الآخرين ولأن هذا الأمر كان في الأشهر الأولى من الإحتلال وبعدها تم تنظيف الطريق لإحتلال وتطهير مدن وقرى أخرى…
اليوم، صارت مدينة قيسارية من المدن السياحية التي يستولي عليها الإحتلال وقد حول مسجدها إلى “بار” للغانيات والسكر والعربدة وبنى على أنقاض المنازل العديد من المطاعم والمشاريع السياحية. قيسارية…
بلتوفيق وشكرًا
مقالة رائعة عن مدينة قيسارية . كل الأحترام والتقدير لك أستاذة رشا