( نقلا عن موقع وزارة الثقافة الفلسطينية ) :
” اختتام فعاليات ملتقى فلسطين للقصة العربية”
اختتمت وزارة الثقافة الفلسطينية، فعاليات ملتقى فلسطين الثاني للقصة العربية، “دورة الشهيد الأديب ماجد أبو شرار”، الذي انعقد على مدار ثلاثة أيام، حيث تناول عدد من الكتاب والنقاد والأدباء مواضيع عديدة تتعلق بالقصة وتحدياتها وتطورها ومستقبلها، وبندوات افتراضية عبر الإنترنت ووجاهية في عكا وغزة ولبنان.
واختتمت الفعاليات بندوة وجاهية نظمتها الوزارة بالتعاون مع مركز زاوية رؤية الثقافية في طرابلس/لبنان حول مستقبل القصة القصيرة، بمشاركة كل من الأديبة ميراي شحادة من لبنان، والناقد مروان الخطيب من فلسطين، والقاصة مشلين بطرس من سوريا، حيث أدار الندوة الشاعر باسل عبد العال.
افتتح العال الندوة بالترحيب بالمشاركين، قائلاً:” عاشت القصة القصيرة تحولات عديدة، وعاصرت تحديات المرحلة الثقافية والسياسية في عالمنا العربي، دخلت في الواقعي السلس، إلى الإيحائي المتخيل، حيث الصورة تعكس حوارها مع اليومي الذي نعيش، حيث تبقى القصة بنت الرواية، وأخت القصيدة، وبنت عمّ النثر ، كما تناول في كلمته التقارب بين الشعر والقصة.
النص الكامل لكلمة الشاعرة اللبنانية ميراي شحادة :
بدورها تحدثت الكاتبة والشاعرة ميراي عبد الله شحادة من لبنان، عن العلاقة بين الشعر والقصة القصيرة وعن مستقبل القصة القصيرة العربية التي تسير في مسارها الصحيح، لأنّ المستقبل كله للقصة القصيرة العربية، و تحدثت عن الكتّاب اللبنانيين والعرب في الابداع الكبير في كتابته ، وأكدت على الاستمرار بدعم المواهب الإبداعية في القصة القصيرة.
وقد حصل موقع ” ميزان الزمان ” الأدبي في بيروت على النص الكامل لكلمة لبنان التي القتها رئيسة منتدى شاعر الكورة الخضراء عبد الله شحادة الشاعرة ميراي شحادة حداد…وهنا نص كلمتها :
مساؤكم جميلٌ أحبّتي في قصّة محبة طويلةٍ وطويلة جدّا، جمعتنا اليوم سماءُ القصّة القصيرة أقطاباً عربيّة من مصر أمِّ الدنيا، من سوريا الإبداع وفلسطين عرين الثقافة والبطولة ولبنان مرتع الأمجاد! جمعتنا اليوم سماءُ القصّة القصيرة في تريبولس، فيحاء العلم والنور والثقافة في الرابطة الثقافية طرابلس.
نتحلّق معاً ويطيب هذا اللقاء في الملتقى الثّاني الفلسطيني للقصة العربية في ملتقى الشهيد الأديب ماجد أبو شرار، طيّب الله ثراه وخلّد ذكراه: له نقول، أكتاف الرجال تحمل البنادق في الجبهات وأقلام الأدباء تحمل البنادق أيضا، رصاصها من حبر وثورةٍ وإباء! يموت ماجد ويولد بالحرف، بالمقاومة الفكريّة ألف وألف ماجد يعبّدون طريق الأمجاد.
يسّرني أن أتواجدَ اليوم بينكم بدعوة خاصة من مركز زاوية رؤية الثقافيّة في مخيّم نهر البارد، حيث قلبي وقلمي هناك يرفرفان بين أحبّة نقاوم معهم الجهل والجهالة بسلاح الكلمة والنور: وفي البدء كان الكلمة!
شكرا للشاعر الصديق أستاذ باسل عبد العال لدعوتي ولجهوده الجبّارة في زمن القحط واليباس وجزيل الشكر لكم أحبّتي أنتم، أتشرّف بوجودي بينكم، المبدع أستاذ مروان الخطيب من فلسطين، أستاذ إيهاب القسطاوي من مصر وصديقتي القاصة الرائعة مشلين بطرس من سوريا ورعاية الصديق مدير الرابطة الثقافية أ. رامز الفري.
أوّلا، لماذا نكتب ولمن نكتب! وهل ندري إن كَتبنا الروايةَ، القصة، الشعر، النثريات أوالومضات وكلّ ما يتفتّق من آفاق خيالاتنا من إبداع ودهشة ومفارقة واتساع لفيض مشاعرنا…..هل ندري أن هذه الذرّات مجتمعةٌ في مداراتها الفكرية وأبطنتها الشعوريّة إن خرجت عن معجميّة الكلمة ومسّها سحر ساحر خلّاق ستتشظى باستمرار لدى المتلقّي القارئ في جسيمات من المعاني، والدلائل، والآفاق اللانهائيّة فاتحة معها فتوحات في الحقول الإبداعيّة.
نجتمع اليوم في ندوة حول مستقبل القصة القصيرة؛ وأقول لكم لا بعين الناقد ولا عين الأديب ولا الشاعر بل من تجربة متواضعة سابقة لدعم الشباب على نشر قصصهم في إصدارات مشترَكة أو منفردة ومن تجربتي كناشر في منتدى شاعر الكورة الخضراء في الرواية مع الروائيّة لونا قصير في روايتها “غرفة مغلقة” والقصص القصيرة مع الأديب ألأستاذ الدكتور جان توما في كتابه “والعمر شراع مسافر” ومن تأمّلاتي في مجتماعتنا الحاليّة،الشرقيّة والغربيّة معًا، لا بل في وجوديّتِنا وكيف نعدو والوقت يعدو أسرع من الضوء في يوميّاتنا ومن كلّ الأشكال الوجيزة التي تهيمن على ثنايا وتفاصيل الإنسان ونتاجاته الفكريّة والأدبيّة، أقول : المستقبل هو القصة القصيرة. ( ولا حتى أفكّر في طرح التساؤل عن مستقبل القصة القصيرة وإشكاليّة حضورها واستمراريّتها) وهذا لا يُلغي ولا ينتقص من القيمة والعصف الفكريّ المتجسّد في الرواية أو القصة أو الحكاية.
أو ليس الفرزدق من قال مرّة وهوالشاعر الأموي في (القرن السابع الميلادي): وقد سئل «ما صيّرك إلى القصائد القصار بعد الطّوال، فأجاب: لأنّي رأيتها في الصّدور أوقع وفي المحافل أجول»
في السنوات الأخيرة، تتصدّر القصة القصيرة بقوّة، المشهد الثقافي العربي وهي في ازدهار ملحوظ وفي انسجام تام مع تغيّرات النمط الإجتماعي والحداثة المنشودة.
كما تكتنز من الأدوات الفارقة في الاستقصاء البحثي والفني والفلسفي والاجتماعي، بحيث يبدو المُتلقي، وكأنه خبير بإحصاء مكاسب الدهشة في ذروة السرد.
خلال العقود الثلاثة الماضية، تصاعدت أشكال قصصية وذهبت في ذلك مذاهب شتّى، تمثّلت خلالها القصة القصيرة لغة الشعر وأدواته أو استلهمت روح (الأمثولة) أو الخاطرة أو اللوحة القصصية. وخوض هذه الأشكال القصصية الجديدة قد بدأ في الأدبين العربي والغربي في فترات شبه متقاربة، ويردّها أغلب الباحثين إلى العقود القليلة الماضية، وقد انتشر انتشارا واسعا في الأدب الإنجليزي قبل ذلك بوقت قصير.
أهميتها الإيجاز والتكثيف في الإبداع. وعن الإيجاز قال الجاحظ في رسائله (القرن التاسع الميلادي): «الإيجاز أسهل مرامًا وأيسر مطلبًا من الإطناب»، مؤكدًا أنه من «قدر على الكثير كان على القليل أقدر»
ونشير هنا أنّه كان لوالدي الشاعرعبدالله شحاده، شاعر الكورة الخضراء تجربتين، الأولى في كتاب “عام شاعر” سنة 1942 وقصة “ليالي القاووش” عام 1962 أترك لروّاد النّقد الغوص والإبحار في تفكيك مضامينهما.
في نهاية كلمتي، لا يسعني إلّا أن أذكر في هذا المقام الأدبي الرفيع عَلماً رائداً من لبنان، الأديب أمين الذيب، مؤسس منتدى الأدب الوجيز في لبنان والعالم العربي: آمن بالقصة القصيرة أو الوجيزة وما انبلج من فضاءاتها الواسعة؛ وأنّها تخطيّ لأنماطٍ تعبيريّة وفكريّة اعتدنا عليها منذ عقود وقرون، مهمّتها أن «تقصفَ» فكر القارئ بسرعة البرق، فهي قصيرة وقد تكون قصيرةً جدّاً تتفتّت الكلمات بين أسطرها ويستمتع القارئ بتتطاير شظاياها.
وتحايا لروّاد القصة القصيرة العربيّة، أخصّ بالذكر الصديقتين القاصّتين سمية تكجي من لبنان ومشلين بطرس من سوريا.
“القصّة القصيرة، اليوم، لا تنتظر «استيعابًا ما»، أو «مرجعية ما»، بل هي تحتاج إلى «فهم ما»، فهمٍ مغايرٍ تماماً عن رتابة المدارس الأدبيّة التي عرفناها سابقاً.
القصة القصيرة يمكنها أن تفتح عوالم ذاتها لإمكانيات الحفر التي تقود حكمًا إلى «دوائر لا تنتهي»/ متشظية، تتمتع باستمرار، بقدرة أن تكون دوائر خاصة لقارئها، كما هي دوائر خاصة لمبدعها! ” نقلاً عن الباحث د.كامل صالح”
عشتم، وعاشت قصصنا القصيرة والقصيرة جدّا! وما أكثرها وما أغناها في أحلامنا وفي يقظتنا.
شكرا لكم.
كلمة الناقد مروان الخطيب :
من جانبه تحدث الشاعر والناقد مروان الخطيب من فلسطين، عن الموروث الشفاهي ومستقبل القصة القصيرة، قائلاً:
إذا قُدِّرَ لنا أنْ ننظرَ في تعريف القصَّة القصيرة، على أنَّها تتكوَّنُ من بعضِ الأحداث والشَّخصيَّات والعناصر المُختَلِفةِ، حيثُ يتمُّ دمجُ الشَّخصيَّات معَ الحَبْكةِ والزَّمنِ والمَكانِ، ما يُكَوِّن عناصر هامَّةً للقِصَّة، أو على أنَّها واحدةٌ من أنواع السَّرد التي تحتوي على مجموعةٍ كبيرةٍ من العناصرِ المُختَلِفةِ، والتي تتكيَّفُ وتتشَكَّلُ لِتُظْهِرَ لنا بعضَ الشَّخصيَّاتِ والأحداثِ الرَّائعة.
كلمة القاصّة ميشلين بطرس:
بدورها أخذتنا القاصة ميشلن بطرس في مجموعتها القصصية الأخيرة، ” الثالثة بعد منتصف الليل” إلى الشام وإلى الأمومة وفلسطين، على شفير الحياة، كأنّنا ضفاف تبحث عن أمكنة، أزهار بودلير، حيث الحرب، عفن يحتفي برائحته، أو نجمة تبعثر تلاشيها، أو هي دمعة وأرزة ووطن، المُجهضة، لكنها تبلغ الثالثة بعد منتصف الليل”.
ثمّ قرأت بطرس قصتين قصيرتين من كتابها الأخير ووجدت اعجاب الحضور، وتحدثت عن تقنية كتابة القصة القصيرة بأشكالها المتعددة.
فعاليات الندوة الثانية :
تحدثت الندوة الثانية عن أهمية القصة وأدواتها في أدب الأطفال، حيث شارك فيها كل من الكاتبة السورية ماريا دعدوش، والكاتب البحريني حسين خليل، والكاتبة المقدسية نهى صبيح حيث أدارت الندوة الكاتبة ميس داغر.
وتحدثت الكاتبة والروائية ماريا دعدوش من سوريا عن مواصفات الكتاب غير الجذاب والذي لا نتحمس لاقتنائه من وجهة نظرها ونظر آخرين غيريها، وقالت إن أهم صفة يعاني منها هذا النوع من الكتب هي الفوقية بمخاطبة الطفل، يعني فوقية بالتعامل من عالم الكبار اتجاه عالم الصغار وهذه الفوقية تكون مزعجة أكترعندما ينكرها الكاتب بقالب مصطنع من اللطف فالطفل ضعيف بالنسبة لعالمنا نحن الكبار، سواء من ناحية مقاسه الصغير أو من ناحية تجربته القليلة أو من ناحية ضعف أدواته الدفاعية عن نفسه أو عدم مقدرته على التعبير عن مشاعره، بينما نحن البالغون من جهة أخرى خبرتنا أقدم وأدواتنا شحذناها، وزيادة على ذلك ، نحنا لدينا سلطة مطلقة على الأطفال، لأن نحن إما اهلهم والأطفال يعيشون في بيوتنا أو مدرسيهم والأطفال متواجدين في صفوفنا، فكيف نراعي هشاشة أطفالنا ونكتب لهم كتباً تجذبهم لا تعاني من الفوقية؟
وتحدثت الكاتبة نهى صبيح في مداخلتها عن تجربتها في كتابة قصة خلف الجدار، من أين جاءت فكرة القصة، وما الذي سعت إلى توصيله للأطفال من خلال شخصية مشمشة، وعن الجدار في القصة والجدار في الواقع الفلسطيني، وتحدثت كيف يمكن للقصة أن تغيّر إدراكنا للواقع من خلال تناول مشهدين في القصة: مشهد تحوّل السياج إلى جدار، ومشهد وقوف مشمشة على قمة الجدار.
وتحدثت عن تجربتها في قصة سلوم أقوى من كورونا، كيف جاءت القصة لتعالج مخاوف وتساؤلات الأطفال عن جائحة كورونا وتحويل تلك المخاوف إلى محفّز للمعرفة. وتطرقت للحديث عن خصائص كتاب الأطفال الناجح كما توصلت إليه من خلال الاهتمام والاطلاع على التجارب والدراسات المتعلقة بأدب الأطفال، والمتابعة والقراءة اليومية لقصص أطفال متنوعة من أماكن مختلفة في العالم.
بدوره قدم الكاتب في مجال أدب الأطفال واليافعين حسين خليل ورقة بعنوان :”من الذي يكتب لليافعين: أنت أم أنت الآخر؟”، حيث تحدث في ورقته عن أهمية مفهوم “الصوت في الكتابة الإبداعية الموجهة لليافعين”، الصوت بما هو من مفردات، ونبرة، ووجهة نظر، وطريقة تدفق الكلمات.
وقال :”المطلوب هو أن تُروى القصة من خلال عيونهم، نحتاج أن نكتب وكأننا داخل رأس الطفل أو اليافع، وهذه إحدى التحديات الكبيرة أمام الكتاب، وهي كيف نتخلص من حكمة الكبار ونحن نسرد من خلال منظور خاص، منظور اليافع، داعياً إلى ضرورة جعل الإمتاع هدفًا أساسيًا وليس ثانويًا، وأن نفسح الطريق أمام الطفل أو اليافع الذي في داخلنا.