”
التاريخ: 17/10/2021
المقال رقم: 45/2021
سـخنيـــــن
بقلـم: رشـا بركــات– حكايــات رشـا (رايتـش)
“سخنين تكرم الضيف لو اعتنى بيها…سخنين باقة ورد ومزينة حفافا…سخنين كلمة كرم مكتوبة ع شفافا…سخنين أم البطولي والناس بتخافا….”
بهذه الكلمات وأكثر، عبّرت إمرأة مسنة من سخنين عن بلدتها الفلسطينية الأصيلة.
سخنين هي “قرية” جليلية في شمال فلسطين، لكنها أصبحت “مدينة” رسميًا سنة 1995 وفقًا لقانون المحتل.
تبلغ مساحتها حوالي 70192 دونم ولكنني أحتاج لمزيد من البحث حول حقيقة المساحة خاصة وأنها تحت الإحتلال ولكن هذا ما هو موثّق في بعض البيانات الرسمية حتى الآن.
تحيط ب”مدينة” سخنين عدة قرى منها كفر مندة ودير حنا وعرابة وصفورية ورمانة. وهي في الجنوب الشرقي لمدينة عكا “قاهرة نابليون”.
الخط الأخضر وما أدراكم ما الخط الأخضر…
تعتبر “مدينة” سخنين من ضمن المدن والقرى داخل الخط الأخضر. والخط الأخضر يرمز إلى كل المدن والقرى التي يسيطر عليها الإحتلال…فمثلًا مدينتي يافا العريقة الفلسطينية المنفية عنها، تعتبر من المدن داخل الخط الأخضر وبالتالي، هذا هو السبب المباشر غير الشرعي والأخلاقي والمنطقي والإنساني والقانوني لنفيي عنها…والأنا هنا التي أستعملها هي ال”أنا” الكلية وليست ال”أنا” الشخصية فقط، كل شعبنا الفلسطيني المنفي.
تعاني سخنين مثلها مثل بقية المدن والقرى الفلسطينية التي أصبحت تابعة للإحتلال من العنصرية وغياب العدالة والتضييقات المتنوعة على أهلها (أهلنا الفلسطينيين) والبطالة الفلسطينية، ما جعلها تعتبر من المدن الفقيرة نسبيًا. وما يجب توثيقه في حكايتي هذه، هو تمدد الإحتلال بما يسمى ب “البؤر الإستيطانية” وما أسميه أنا (الشخصية) ب “الوقاحة الشيطانية”، على حساب أراضيها وأراضي غيرها من المدن والقرى الفلسطينية.
ديمغرافية سخنين الأصلية هي من الشعب الفلسطيني على أنواع ارتباطه الديني وأنا لا أريد استعمال مصطلح “مختلط” ذلك لأن مفهوم الأوطان يقوم على الأساس ال”قومي” وليس ال “ديني”، وبالتالي من الطبيعي أن يكون هناك تنوع في الشعوب التي ترتبط بوطنها. إن الدين هو علاقة الإنسان بربه وليس له أي علاقة بالإنتماء الوطني. فعندما نقول وطن، هذا يعني أنه لن يكون هناك دولة ولا وطن دون كامل عناصره.
لم تعرف سخنين يومًا لغة التمييز ولكنّ ثقافة الاحتلال وداعميها يحاولون نشر الفتن في كافة صفوف شعبنا الفلسطيني الذي تربى في الأصل على التآخي والوحدة والمحبة.
لا زلت أتذكر كلام أبي له الرحمة:” يا رشا المسلم والمسيحي أخوة بالرضاعة في فلسطين وحتى أن اليهودي الفلسطيني كان أخينا…”
لطالما عُرفت “مدينة” سخنين ب المقاومة الفلسطينية الفذة فمنذ إنطلاق الثورة ضد الإنتداب البريطاني من مدينة يافا، قدمت سخنين بطولات لم يذكر منها التاريخ “غير المنصف” سوى القليل سنة 1936. لأن من مهام الإختراق الثقافي للقضية أو الحق الفلسطيني هو “الطمس” و”التغييب”.
أثمان بطولات سخنين
قدمت سخنين منذ الإنتداب البريطاني حتى النكبة أعدادًا كبيرة جدًا من أبنائها كشهداء وجرحى كما وتم حصارها بريطانيًا عدة مرات ولكن كان أقوى حصار لها من قبل الجنود البريطانيين عام 1938. فقد قام جنود الإنتداب الذين كانوا وسيلة لتسليم فلسطين إلى محتلها اليوم، بالتنكيل والهيمنة والتدمير والتعذيب غير المشروع في أهل هذه ال “مدينة”. أما في يومنا هذا، فلا زالت سخنين تعاني وشعبها يقدم خيرة شبابه فداء لفلسطين كل فلسطين.
بعد سقوط عكا (قاهرة نابليون) وقرى الجوار في حرب الإبادة ونكبة 1948، كانت سخنين هي القلعة التي تحمي هذه المناطق. فقد قام أهل سخنين بتقديم أنفسهم كدروع بشرية واعتمدوا على تكتيك الحراسة مما جعل هذا الأمر يسبب عائقا في تقدّم “جنود” الإحتلال الصهيوني. ظلت سخنين تقاتل حتى آخر نفس وطلقة ورمق لأهلها فسقطت ماديًا سنة 1948 في شهر تشرين الأول ولكنها لم ولا ولن تسقط معنويًا. بعد سنة تقريبًا، صارت “مدينة” سخنين ضمن الخط الأخضر التابع للإحتلال، حالها كحال مناطق الجليل المحتلة…لعن الله اتفاق الهدنة الذي تم سنة 1949 والذي كان مؤامرة على شعبنا بل على كامل فلسطين…
برزت حركات مقاومة عدة في مدينة سخنين أهمها “الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة” و”حزب التجمع الوطني الديمقراطي”. تنطلق أعمال هذه الحركات المقاومة عن طريق المجلس البلدي لشرعنة مقاومتها وتقويتها ولكي تعمل وفق الواقع المفروض…فتحقيق هدف واحد أهم من عدمه. وهكذا يحيا الفلسطيني في وطنه وخارجه ضمن سياسة المناورة لكي يتماشى مع أمره ويحاول أن يتجاوز واقعه المرير عبر العمل بديناميكية وفهم لحقيقة الأمور. وكما يقول مثالنا الشعبي: بالموجود جود…
30 آذار 1976
قامت سخنين ولم تقعد بتاريخ 30 آذار 1976 فاشتعلت التظاهرات في كل أماكنها ونواحيها وانضم إلى تظاهرات أهالي سخنين عدد كبير من الفلسطينيين عامة ومن قرى الجوار بعد إقامة المحتل مستوطنة/مغتصبة قرب هذه القرية/المدينة، “كرمائيل” والتي ضمت 5000 فدان من مجموع الأراضي الزراعية التابعة ل “سخنين”. وكان هذا الضم، كحال باقي أراضينا الفلسطينية، عبارة عن سرقة أمام مرأى ومسمع العالم أجمع ودون أي حرمة لقانون أو محاكم. فاستشهد أعداد كبيرة جديدة من أهلنا الفلسطينيين في سخنين في معارك ضارية ومواجهات عنيفة ضد هذا المحتل الذي لا يبالي بأي أعراف إنسانية…آه سخنين…
يعطيك ألف عافية أستاذة رشا ، بحث ممتاز ورائع عن مدينة سخنين الابية ، والتي تشكل حجر الغلق في مثلث يوم الأرض (سخنين ، عرابة،
وديرحنا ) ، هذه البلدات الثلاثة التي قدمت ستة شهداء في يوم الأرض الخالد في 30اذلر عام 1976.