( مقطع من قصة ” أنشودة حب ” التي صدرت عام 2018 للكاتبة كلوديت عقيقي) :
وفيما كان يبوح لها بمكنونات قلبِه، قرأَتْ في عَينَيهِ قصيدةً نزاريّة، فبادَلَتْهُ بأُنشودةِ حبٍّ
• علَّمَني حبُّكَ أن أحلم…
وكم أنا مشتاقةٌ لرجلٍ يجعلني أحلم… لرجلٍ أرمي بين ذراعَيه قواريرَ ٱلعطور.
لرجلٍ يعبَثُ بأشيائي، يلُفُّ بيَ ٱلكونَ ويدور… لرجلٍ أحمِلُ له ألواني، لنلوّنَ أروقةَ ٱلسّاحات، لنرسُمَ لعيونِ ٱلمشرّدين آمالاً، زهوراً وباقات.
علَّمَني حبُّكَ أن أرتديَ كياني… أن أرسُمَ وجهَكَ على حريرِ فستاني، وأُلوّنَ لكَ مساحاتِ ٱلشّمسِ في سهدِ ٱلأمسيات.
علَّمَني كيفَ أسرِقُ ثغرَكَ من أفواهِ ٱلسّاحرات… لأهديَهُ مع ٱلأقلامِ دواوينَ ٱلشّاعرات.
علَّمَني كيفَ أتوهُ بين غلالِ ٱلبيدر وعشبِ ٱلتّراب… لأُلملمَ رحيقَ ٱلسّنابلِ وعطرَ ٱلغابات.
علَّمَني حبُّكَ أن أَهيمَ على وجهي ساعاتٍ وساعاتْ، لأُسابقَ حذائي ٱلمبلولِ برذاذِ ٱلمطرِ ودموعِ ٱلمظلّات.
علَّمَني كيفَ أَرتديَ معطفي ٱلخمريَّ خلفَ صقيع ٱلنّسمات، لأَبحثَ في متاجرِ ٱلجمالِ عن ثوبٍ مخمليٍّ يليقُ بعيوني ٱلنّاعِسات.
لأَبحثَ عن وجهِكَ وعن صوتِكَ، ٱلّذي أضحى لي كلَّ ٱلوجوهِ وكلَّ ٱلأصوات.
فسافرتُ بأجنحةِ ٱلحبِّ، دخلتُ جنائِنَ ٱلألحان… وأنا من قبلِكَ لم أقصِدُ رَوضَ ٱلألحان.
لم أعرف أبداً أنَّ ٱلحبَّ هو ألوان، وأنّ ٱلألوانَ بلا حبٍّ ليست بٱلألوان.
علَّمَني حبُّكَ أن أخوضَ في ٱلأعماق…
أن أبحثَ عن أصدافٍ أرجوانيّةٍ تليقُ بحوريّةِ ٱلشّطآن.
وأن أُطرّزَ ٱسمَكَ على خاماتِ ٱلحريرِ، بـإبَرٍ وخيطان.
علَّمَني حبُّكَ أن أرى وجهَكَ في عيونِ ٱلنّاس… وأن أرسُمَ طيفَكَ على زجاجِ ٱلنّوافذِ وٱلجدران.
علَّمَني… أنّ ٱلحبَّ ليس له عمرٌ، لا قيدٌ، ولا مكانٌ…
وأنّه حين نُحبُّ، يصحو ٱلتّاريخُ من غفوةِ ٱلنّسيان.
علّمَني… وكم علَّمَني حبُّكَ!!
أنّ ٱلسّماءَ ما كانت أبداً بلا ألوان… وأنّ ٱلينابيعَ تفجّرت أنهاراً وجداولَ في نَيسان.
فطرقتُ عروشَ ٱلجمالِ…
بحثتُ عن طفلةِ ٱلوجدان… تلك ٱلّتي حلِمَتْ بأن يخطُفَها فارسُ ٱلفُرسان… ذاك ٱلّذي يداُه من صخرٍ، وقلبُه من صَوّان.
وحلِمَتْ بأن تزفَّها له جارياتُ ٱلجان…
فيما هو يراقِصُها مغمضَةَ ٱلعَينَين… وهي ترتديَ لهُ، أزهارَ ٱلياسمينِ وٱلرَّيحان.
علَّمَني حبُّكَ ما ٱلغفران…
علَّمَني أن أعشقَ ٱلقمرَ وأن أنتظرَهُ على شرفاتٍ رخامُها مرمرٍ… عقيقٍ… ومُرجان.
علَّمَني أن أَهتمَ بذاتي… وأن أجفِّفَ نهرَ ٱلأحزان
وإن كانت أيّامي عاريةً من ٱلأغصان، فٱلأوراقُ ٱليابسةُ يا حبيبي حين يبلِّلُ أطرافَها ٱلمطرُ…
ستُزهرُ كنرجسِةٍ في لبنان.