( نقلا عن زاوية لفتة نظر اللكاتب سليمان ابراهيم في مجلة ” العالمية ” عدد١٦٢_ ت١ ٢٠٢١)
أَبدعوا ولا تملّوا….
ما قيمةُ أن نكتبَ، في زمن ماتت معه بهجة الحروف في العيون وتلافيف الألباب؟
ما عظَمةُ أن نكتبَ في زمنٍ عزّ فيه قراءٌ ومهتمّون؟
وإن وجِدوا، لا ينتقون مطالعة ما يروي القلوب وتغتذي به العقول من كَبد المعارف ومَعينها…
اليوم، نكتبُ للغد يا سادة.
وغدًا، تقتفي وقع أَقلامنا الأجيال….
فكلماتنا، كونوا على ثقةٍ، حجارةُ زوايا البناء، هي.
المهمُّ فيها،أن تروي حروفها بدماء قِيَمٍ ومبادئ عيشٍ،لا قيمة لشرايين الحضارة الإِنسانيّة بغيرها!!
شعرنا… أدبنا… وخيام الحكايا بموسيقى، رسمٍ، نحتٍ فغناء، مسؤوليتنا أن نخطّها دروبًا بماء إِصالةٍ لتبقى، وإلى ظلالها تفيءُ وجدانات أُممٍ تتململُ ببال أهلها صور الحنين لزماننا….
فلنا من قلمي وأَقلامكم يا خُدّان الكلمة وخدّامها، لليوم سلاحٌ، وللغد من نضح حبرها لتذكارنا ليبقى مُقيمًا، شذًا وعُطورًا…. فعلينا ألا ندعَ القوارير تنضب، ونحن بحُقّ دمٍ من جُرح القلب نغمسها!! وأصحاب الرّياشُ نبض الأيّام بخطوطٍ وألوانٍ مشاهدَ الحياة للعالم تنقل!!والأزاميل بين أنامل الممسكين بها، صدى الأزمان بحربٍ وسِلمٍ وضياء حضورٍ هاماتٍ تنقلُ وتحفظُ!!والموسيقيون بتوقيع الأنغام، تهدّج الأرواح وصخب أفراحها ينقلون الواقعات….
كلمتي، وكلّ ما ستتناقله عنّا الأجيالُ من بعد انطواء أعلامنا، ستنبض بحضورنا، فلنُبقي من بعدنا حسيس حضارةٍ، ولا تدعوا الجمال من بعدنا علينا ينتحب ويعتب ناعيًا للحضارة مرورنا على دربها؛ كٌرمى لآراء أهل الفَنَد، وإن علت عقيرتُهم أصداءً، تبعثرها رياحُ غَيرةٍ حقودٍ سَموم !!
فلنعاهد المواهب التي زرعها الحالق فينا وفاءً وإصرارًا على مُتابعة درب جمالاتٍ، بحبر قلوبنا وخطوط العقول رّسِمَت: فحرامٌ أن نخنق بقبض أيدينا نبض الإِبداع فينا.
وصيتي لكلّ حامل عتادٍ من أعتدة الإبداع، أن يخطَّ على صفحة الزّمان، الحقَّ والحقيقةَ جواز بقاءٍ كُتبَ على جبين كُلٍّ منَّا: فابدٍعوا ولا تملّوا.
فكما أنّ الصّلاة عبادةُ المؤمِن؛ فليكن إبداعنا عبادة كلّ خلّاقٍ.
فهل يصحّ أن نتنكّر لعبادة فكرنا، مُدّعين أنّنا طُغمة المّبدعين؟؟
سليملن يوسف إِبراهيم
عنّايا، في٢٠_٩_٢٠٢١