( خاص ” ميزان الزمان ” / بيروت )
المقال رقم: 40/2021
حكواتــي يـافــا
بقلـم: رشـا بركــات– حكايــات رشـا (رايتـش)
احكيلي احكيلي عن بلدي احكيلي…
يافاااا أنا أناديك بأعلى وتر في صوتي…ووتري لا ولن ينقطع طالما أنا صابرة على عذابات النفي والطمس والطعن الإنساني وغياب الهوية.
لقد تدرجت أعمالي لفلسطينتي عبر سنوات إلى أن أحييت فكرة الحكواتي عبر نشاط أقمته في غزة المحاصرة تحت إسم مشروعي الخاص “إنجاز لتنمية القدرات”. كنت أريد أن أقوم بتفعيله أيضا في لبنان، لكنني في حينها واجهت بعض الظروف الصعبة التي منعتني فتمت إقامته عبر أحد غيري بعد السماع عنه مني…
في غزة، راح الأطفال يستمعون للحكواتي وكان شرطي أن تكون حكايات الحكواتي ترمي للقضية الفلسطينية بطريقة جميلة وترفيهية للأطفال وعلى أن يرفع أطفالنا العلم الفلسطيني ويرقصوا ويتم إعطائهم فسحة خاصة لكي يظهروا طاقاتهم ومواهبهم مثل الرسم والتلوين والشعر وغيرهم….أقمت هذه الفعالية في خان يونس سنة 2018-2019 بعد تنسيقاتي وفي ثاني يوم من ضرب غزة، كان الحكواتي جاهزا وكانت كل التحضيرات تنتظر التنفيذ. أفرحنا قلوب الأطفال وكان هدفي ألا تتأثرمعنويات أطفالنا سلبا بكل ما يحصل وكذلك للتخفيف من معاناة طفولة شعبنا الفلسطيني المظلوم وحسن التصرف. ليتني كنت أستطيع أن أحلق لأكثف الجهود والأعمال…أكره نفيي، أكره الحواجز والحدود…
حكايتي لليوم، ليست عن “تمشايتي” ولا عن بحث أو تقرير قد أعددته ولا عن تجربتي الخاصة مع “الفلسطينيات” ولكنني اضطررت أن أبدأ مقدمتي بها لكي أدلكم على أهمية ما وجدت منذ فترة بسيطة.
أنا وجدت “حكواتـي يافـا”. نعم…فلطالما كنت أحب فكرة إعادة الحكواتي وإسمي فلسطينية يافاوية. لم أعرف قط أن الحكواتي في مدينتي “موجود”. والآن عرفت.
تركت له تعليقا على صفحته باستئذاني منه، أنني أريد أن أكتب حكاية/مقالة عنه. سألته عن سيرته الشخصية فأجابني برد مليء بالزخم والعطاء، غني بالتجربة والإبداعات والأعمال الإجتماعية التي نحتاجها كثيرا نحن كشعب فلسطيني يعاني من عدة إختراقات وتذويب وتدخلات وطمس وتزوير.
قال لي:
“مساء الخير أستاذة،
أنا من مواليد يافا الأصليين ،إسمي جبر أحمد أبو قاعود وأبلغ من العمر 62 عام. لقد بدأت مسيرتي الفنية من أيام طفولتي في مدرستي، مدرسة تراسنطا العريقة (سأكتب حكايتي عنها لاحقا)، في الغناء والتمثيل وكتابة الأشعار ومن ثم قدمت في النوادي بعض العروض التمثيلية والأشعار والغناء في عمر أقل من الخامسة عشر….
وبعدها، تسجلت في معهد للتمثيل ودرست فيه لمدة سنة وكان والدي معارض لهذه الفكرة بشدة حيث أجبرني أن أترك … وطبعا في تلك الفترة، كان من الصعب إغضاب الوالد…
لكنني، واصلت مسيرتي الفنية وكوّنت فرق مسرحية يافية ناجحة جدا حيث عرضنا كثير من المسرحيات التي تعالج أوضاع مجتمعنا في تلك الفترة وهذا كان قبل حوالي 43 عام …
بعد فترة، تزوجت وأنجبت ثلاثة أولاد، بنت وولدين. بعدها بسبع سنوات، كانت لي تجربة في فرقة مسرحية من شباب يافاويين موهوبين وقدمنا أيضا مسرحيات عديدة من تأليفي وإخراجي وكانت هذه المسرحيات ناجحة جداً لأنها كانت تتحدث عن مشاكل المجتمع العربي في يافا خاصة وعن آلامه العربية الفلسطينية عامة. وقدمنا ايضاً عرض في عمان في النادي الأرثوذكسي الذي كان يحتضن أبناء يافا الذين تم تهجيرهم من يافا في النكبة سنة 1948…
طبعاً، كل مسرحياتي التي قمت في تاليفها قديماً وحديثاً كانت عن قضايا المجتمع العربي الفلسطيني… وطبعاً آخر مسرحياتي كانت قبل خمسة عشر عام … وقبل حوالي ثماني سنوات دخلت في مشروع الحكواتي اليافي في الكليه اليافاوية وتعلمت فيها “الحكواتي” … مع الاستاذة “الحكواتي دنيس أسعد”. ومن الجدير بالذكر أن نذكر الأستاذة الآنسة نور دسوقي المسؤولة عن هذا المشروع لإحياء “تراث الحكواتي” .
وهكذا، كنت جزءاً من هذا المشروع وما زلت حتى اليوم أقدم العروض في المدارس والنوادي ودورالعجزة وفي المناسبات. أعرض منها أحيانًاعلى الفيس بوك .
ولك الشكر على اهتمامك سيدتي،
أي سؤال أنا جاهز…”
وبهذا، أنهي حكايتي وأختم مقالي فأنا أجبته أنه لا أسئلة عندي، فأنت أتحفت وأغنيت، بارك الله في كل أعمالك وجهودك وحفظك وأعاد لنا فلسطين. هو، حكواتـي يافـا….
ماشاء الله عليك رشا بركات موفقة استاذة