” الوفاء.. “
كان دائمًا معه، وإلى جانبه في المهمّات والملمّات، وقد ساهم في تربيته منذ طفولته، بعد وفاة والده باعتباره صديق العائلة الأمثل والجار الغيور، وأقنع والدته أنْ تكملَ له تعليمه وتدخله أفضل المدارس كي يتلقّى العلم والمعرفة، وكان الصّبيّ “مروان” يناديه ب” عمّي بو يوسف”
توالت الأيام، كبُر “مروان” وحاز على إجازة في القانون، ثمّ تابع دراساته العليا إلى أنْ أصبح قاضيًا مشهورًا ومشهودًا له بالنزاهة والاستقامة، وتطبيق العدالة.
سنوات معدودة، ذاعت شهرته، وصار حديث النّاس والصّحف والإعلام، نتيجة نجاحه الباهر وسلوكه القويم، ومبادئه وإخلاصه في عمله وإنسانيّته في التّعامل مع قضايا النّاس وحلّ مشاكلهم.
وأطلّ “بو يوسف” غاضبًا، ساخطًا، مولولًا، لاعنًا ضياع تربيته واهتمامه ومساعيه الّتي بذلها في تربية “مروان” القاضي الّذي حكم عليه بدفع غرامة ماليّة كبيرة كتعويض لأضرار تسبّب بها لأحد مزارعيّ القرية، فما كان منه إلّا أنِ اقتحم مكتب القاضي “مروان” مهدّدًا متوعّدًا، معيّرًا إيّاه بفضله عليه في إتمام تعليمه، وحصوله على وظيفة قاضٍ، ناعتًا إيّاه بالجحود وعدم الوفاء.
اقترب القاضي منه، عانقه بلطف وعطف وحنان، انحنى فوق يده وقبلها باحترام قائلًا :
— هدّئ من روعك وغضبك عمي “بو يوسف” وعذرًا عمّا حصل، ولكنْ عندما ربّيتَني واهتمَمتَ بي أوصيتَني قائلًا:
كن وفيًّا للحقّ ولم تقل لي أبدًا كن وفيًّا لي..
وأنا فعلت ما طلبته منّي وأمرتني به.
أفليس ما قمت به هو الوفاء للحقّ؟
-×-×-×-