التاريخ: 27/08/2021
المقال رقم 35/2021
خدني ع شارع الحمرا
بقلـم: رشـا بركــات– حكايــات رشـا (رايتـش)
“خدني معك وديني ع شارع الحمرا…”
بينما أنا جالسة في العتمة في لبنان، مقهورة حزينة، كيف للبنان أن يعاني ما يعانيه في هذا العصر وفي سنة 2021 للميلاد. هل هذا منطقي؟ هل الإنسان يتقدم أو يعود إلى الوراء؟ لن أدخل في دوامة الصراع السياسي والمناكفات ولكني…جالسة في العتمة.
كيف تصبح حياتي هكذا وتتحول إلى صبر على صبر وجرح على جراحات؟ لا أستطيع القعود ولا أحب الضجر. لست من ذواقة الملل ولا السطحية ولا البكاء على الأطلال. أحب الفعل والإنتاجية، الموسيقى، الضجيج أحيانا والحياة الصاخبة مع الأيام الهادئة التي تتخللها والجلوس مع الذات والتأمل أحيانا أخرى…لكنني الآن في العتمة…
تذكرت لوهلة شارع الحمرا في بيروت وأغنية الموسيقار الهبر الذي يرنم ويعزف فيها عن الحمرا…هذا الشارع الذي عشقته منذ صغري، أحببت محلاته التجارية وضجيج المشاة فيه مع بعض ال”كافيه” ولا يمكنني أن أنسى ذكرياتي مع أخي المرحوم فيه…ولوهلة أخرى راجعت أحاديثي مع أبي المرحوم والحكايا الجميلة والأرشيف العريق لمدينتنا يافا. نعم، حيث مسرح الحمرا التاريخي كان في يافا منذ ما قبل النكبة وما قبل أي شتات وطمس…إنه فخر الصناعة الفلسطينية العريقة حيث كان عصر الريادة والتطور والإزدهار الثقافي والإقتصادي والعلمي، الفلسطيني الفلسطيني الفلسطيني…
ما أجمل أن يجتمعا بحري يافا وبيروت ليتفقا على تسمية حمراء كلون وردة العشق. سينما الحمرا في يافا وشارع الحمرا في بيروت…صخب وفرح وأصوات الموسيقى داخل سينما الحمرا التاريخي في أذني الآن وفي مخيلتي…بينما أنا في العتمة، أسمع صوت السيدة نضال الأشقر مديرة مسرح المدينة في بيروت سابقا تضحك ضحكتها الجميلة المعتادة وتلبس عباءتها التراثية والأنيقة. وتراثي اليافاوي الذي يشدني حيث اعتبار يافا عاصمة فلسطين الثقافية بسبب شهرة أهم الصحف ودور النشر والأندية الثقافية والترفيهية وأجمل دور السينما كسينما “الحمرا” ….
وأنا جالسة في عتمة لبنان أحاكي نفسي…أتساءل للمرة الألف وأكثر، لماذا كل هذا القهر؟ قهر بقهرين…احتلال فلسطين ومحاولات إضاعة لبنان وإزالته عن الخريطة…وما بينهما عشق لا ينتهي، سينما الحمرا وشارع الحمرا…
يا وقتي، احملني وخذني إلى شارع الحمرا في بيروت وأعدني إلى يافا لأستعيد معلمها الشهير الذي تأسس عام 1937 في شارع جمال باشا من قبل الإعلاميين الفلسطينيين أمثال محمد زكي عبده، رضوان الحلاق ومحمد سعيد العدلوني وغيرهم… هذا المعلم هو: سينما الحمرا….وعدت لأسمع أغنيتي في مخيلتي، خدني معك وديني ع شارع الحمرا…. بينما، لا زلت أقبع في العتمة…