التاريخ: 24/08/2021
المقال رقم 34/2021
قرقوشــة
بقلـم: رشـا بركــات– حكايــات رشـا (رايتـش)
“قرقش القرقوشة ونعنش!…”
“….ومشيت بالشوارع، شوارع القدس العتيقة قدام الدكاكين ال غفلت بفلسطين….”
تمشايتي يا تمشايتي وشو فيكِ حكايات، وشو إنو أخبارك كتيرة، دخيلك يا تمشايتي مش عم أقدر خبي أسراري، مش عم بقدر ما قول القصص بالمدائن والبراري…القرقوشة؟ طبعاً…ما في أطيب منها ويا محلاها…ومش بس عن القرقوشة حكايتي هل مرة، كمان بدي أذكّر برجالات مرّوا بفلسطين وتحديداً عن المقدسيين…يا قدس يا مدينة الصلاة…ارجعيلنا ارجعي…
كم أحب كل ما يقرمش وغالباً ما نسميه في بلادنا ومنطقتنا بال”قراقيش” ومفردها القرقوشة. أما في الأصل فكانت القرقوشة شهيرة في القدس منذ العصرالعثماني وهي كناية عن القمح المغلي دون قشره مع حب الإجاص والزبيب وعيدان القرفة، يتم وضعه بصحن غميق ويرش على وجهه الصنوبر. إنها من الحلوى القديمة ربما تم اكتسابها من العثمانيين سابقا وربما اكتسبها الاتراك من منطقتنا ولكن المثبت في الأمر أنها حلوى فلسطينية مقدسية قديمة وتم اعتمادها في المناسبات والأعياد.
لا يمكن أن تُقتصر القدس العريقة بتراثياتها في حكايا ومقالات. فهي عاصمة فلسطين الغنية جدا بكل ما فيها من أرشيف وتراث واجتماع واقتصاد وعلوم…أما الأدب، فما أجمل تاريخك الثقافي يا قدس… مع رجالات النهضة حيث برز أدباء فلسطينيين مقدسيين في العهد العثماني بين عامي 1880 و1914، أغنوا أرشيفنا وكذلك أرشيف الاحتلال العثماني لأن هذا الأخير قد استفاد وأخذ الكثير من ثقافتنا المتنوعة والثمينة. إن هؤلاء الرجال بنوا رأسمال الحضارة لموطننا كما بنى الإحتلال التركي بعض المباني والمزارات.
هل ننسى روحي بك ويوسف باشا والشيخ خليل من آل الخالدي؟ والشيخ طاهر أبو السعود والشيوخ الأدباء والعلماء كأمثال طاهر أبو السعود وموسى البديري وعلي الريماوي وأسعد الإمام. هل يمكننا أن نمحي أو نقبل بطمس تاريخ أعيان الثقافة الفلسطينيين في ذاك العصر أمثال أفتيم المشبك وشبلي الجمل وجورج حبيب حنانيا في جريدة القدس؟ هل يمكننا أن نطوي صفحة الشعر العريق مع جورج متى الذي كان في الأصل من عكا وعاش في القدس؟ لا…لا ولن نقبل أن نتغاضى عن تهميش شعبنا وتاريخه…كيف نقبل بهذا الظلم بينما كان صفوة الأدباء أمثال موسى المغربي صاحب مجلة المنهل وعادل جبر وإبراهيم السلفيتي وعارف حكمت النشاشيبي والحاج رشيد النشاشيبي كذلك. وفي تسمية العدل نجد اسم جريدة الإنصاف حيث كان مؤسسها بندلي المشحور.
نعم يا قدس، فأنت لست فقط مدينة للصلاة. إنما أنت ينبوع الحضارة على عدة مستويات والقرقوشة فيك، ما ألذ مذاقها وما أجمل جلساتها مع ضحكات المحبين وعشاق الأعياد….