التاريخ: 11/08/2021
المقال رقم 28/2021
ليـس صدفـة، إنمـا صفـد
بقلـم: رشـا بركــات (رايتـش) – حكايــات رشـا
“ع جبل كنعان بتتربع صفد، تحرس الجليل بعيون الرصد “…
بينما كنت أسمع تلك الأغنية عن صفد التاريخ، اجتاح مخيلتي تاريخها النقابي ونشاطها الإقتصادي وبعض الجمعيات فيها…آه ما أجملك يا صفد، ما أبهاك يا فلسطين…لكن…
ثلاثة تنظيمات مهنية كانت ركيزة صفد الفلسطينية وكذلك اليهود. لقد ذكرت عن اليهود على حدى ليس لفصل اليهود عن الوطن. بل كل فلسطيني ليس ضد اليهودي الفلسطيني وإنما ضد الصهيونية وفكر الإحتلال. تطرقت لليهود لأن الأمر امتد مع الوقت وتوسع لكي يشمل اليهود غير الفلسطينيين وإنما المحتلين الآتين من ما وراء البحار ليسرقوا الوطن العريق…
كان في صفد جمعية العمال العرب، جمعية العمال العربية الفلسطينية والنقابة العامة للعمال اليهود.
أما “جمعية العمال العرب في صفد” فقد تأسست في 13 آب عام 1934. كانت في البدء فكرة إلى أن تم إنشاءها على يد عمال صفد لحفظ حقوقهم وتنظيم وتحسين أوضاعهم المعيشية. كانت مؤلفة من 19 عضوا وهم السادة الكرام راشد الزعبي، هشام صاري، عارف أحمد الخضراء، فوزي قدورة، سعيد حمادة، مناح عبد الكريم، سامي خليل، محمد خير شما، محمد عبر القادر، عبد السلام رستم، شوكت فريد، عبد الله حمادة، رضا محيي الدين الكبرا، عبد الرشيد خليفة، رشدي مصطفى الأسدي، محمود أمين الخضراء، فايز الخضراء، موسى حديد وطه محمود طه. مع مرور الوقت انضم إليها العديد من العمال إلى أن وصل عددهم إلى 500 عامل. وكما تشير المراجع ومنها مرجع سلسلة المدن الفلسطينية / صفد الصادر عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية أن نشاط هذه الجمعية قد توقف سنة 1939.
الجمعية الثانية هي “جمعية العمال العربية الفلسطينية” حيث تأسست عام 1943 وهي جمعية متفرعة من الجمعية القُطرية في حيفا التي تأسست بدورها عام 1925. فهي الجمعية التي كانت متوسطة النشاط والفعالية على عكس “جمعية العمال العرب في صفد”. كان رئيسها الناشط السياسي الشهير في حينه الأستاذ نصوح منوَر.
ثالث تنظيم مهني، “النقابة العامة للعمال اليهود في صفد”. طبعًا أنا من الكارهين لذكر أي انتساب لديانة. أتساءل مع ذاتي دومًا، لماذا يتم ذكر ديانة بحال أي عمل وطني؟ عقلي لا يتقبل الفكرة حتى…لكن العنوان يفسر السبب والهدف والأيام التي تلت النقابة، خير دليل…ليتنا نحرر عقولنا جميعًا… ليتنا نبتعد عن نهش خصوصية بعضنا البعض وعن تفككنا الإنساني…ماذا فعلنا بانفسنا نحن أهل الكرة الأرضية؟ ليتنا نتوب عن تلك الخطايا التي نقترفها بحق بعضنا البعض…هل من الممكن أن نستبدل شرَنا برفع راية المحبة؟ لماذا هناك جمع من الناس يصرون على إزهاق أرواح حرة وسرقة بلاد وأوطان وأماني؟ هذه النقابة تأسست عام 1939 ب 60 عضو من اليهود في صفد. كانت تهدف إلى تأمين وظائف وأعمال لليهود داخل مدينة صفد وكذلك في مستعمرات الجليل الزراعية. بعد فترة من تأسيسها، انضم إليها جنود يهود من المدينة وكذلك جنود آخرين أتوا ليدعموا الإستيطان اليهودي في فلسطين وكافة منطقتنا. كلما أغوص عن بلدي وآلامه، أعد نفسي ألا أحزن لأن الحزن لن يأتي بأي نتيجة ولن يحقق أي هدف لأي كان. فالحزن هلاك الإنسان وإعلان موته. وكما القول الجميل، ليس للنحلة العاملة وقت للحزن، فكما قرر هؤلاء العمال أن يعملوا، علينا نحن ألا نتكاسل، علينا أن نعمل كي نسترد حقوقنا المسلوبة ونطالب بوجوب فرض إنسانيتنا المستباحة. لن أستعمل مصطلح كرامة لأن كرامتنا قد تم التجريح بها من قبل الأخ والصديق والعدو…لم يرحمنا أحد وكما يقول المثال الشعبي إذا وقعت البقرة يكثر الذباحين، نعم ها أنا أرى شعبنا يُذبح في كل يوم وبكل همجية…عملت هذه النقابة مع شركة تطوير صفد فدخلت في نطاق إنشاء المصانع ووصل أعضاءها حتى سنة 1946 إلى 120 عامل وأصابت هدفها بتحسين أوضاع هؤلاء العمال وخاصة أنها نالت الدعم الكامل حيث أنه كان مرسومًا لها أن تتواجد من أجل أهداف أبعد استراتيجية.
ليس صدفة ما حصل في فلسطين…ليس صدفة، إنما صفد…سلام لك وعليك يا صفد…