الجزء الثاني من مقال :
“أنواع المعنى”
انتهينا في الجزء الأول إلى التأكيد ان الاتفاق في المعنى او المعاني الإضافية بين المتكلمين ليس شرطا لأن العملية التواصلية الأساسية هي وقف على المعنى الأساسي قبل الإضافي لان المعنى الإضافي مفتوح غير نهائي وكثيرا ما يتغير دون أن يتغير المعنى الأساسي ولذا ارتأينا ان نواصل في تبين مختلف انواع المعنى وهي :
المعنى الأسلوبي هو نوع من الدلالات الذي تحمله لغة ما بالنسبة إلى الظروف الاجتماعية لمستعمليها ثم المنطقة الجغرافية التي ينتمون إليها كما ان هذا المعنى يكشف عن مستويات أخرى مثل : التخصص ودرجة العلاقة بين المتكلم والسامع ورتبة اللغة المستخدمة هل هي رتبة أدبية ام رتبة اللغة الشعبية الرصينة أم رتبة اللغة العامية الشائعة ام رتبة اللغة المبتذلة الرخيصة؟ ذلك أن هذه هذه اللغة اذا استمع إليها مجموعة من الأفراد تربط بينهم علاقات عمودية ما لم يتملكوا أنفسهم من ردة فعل كعلاقة الأبوة او علاقة مهنية (رئيس ومرؤوس) كما أن هذا النوع من المعنى يتلون أو يتغير بحسب طبيعة الكلام التي تتحدد بسياقه في مجال الاستعمال من لغة شعر إلى لغة نثر ومن لغة أخبار إلى لغة قانون إلى لغة علم إلى لغة إشهار إلى لغة مرافعة إلى لغة وصفة طبيب،… كما تتلون معطيات المعنى الأسلوبي بحسب نوعية القناة اللغوية التي يتم بها الاتصال، والتواصل ان كانت محاورة شفوية وإن كانت استجوابا على جهاز او كانت شيئا مكتوبا أو خطبة ومن هنا يتأكد لدينا أن مجال تحديد المعنى الأسلوبي مجال واسع ولكن إذا عدنا إلى اللغة المحكية او اللغة الشائعة امكننا أن نجد هذه المكونات الأسلوبية في مستوى اللغة الفصحى والدارجة على السواء ولنفرض أن أحدنا يتكلم عن انسان هو “أبوه” فحديث الابن عن والده في مستوى اللغة العربية الفصحى مثلا سينوع الفويرقات الأسلوبية حسب اختياره لأحد الألفاظ التالية : ان يتحدث عنه بقوله : أبي /ابتي /والدي /
أو أن يتحدث عنه عن طريق كنيته او أن يتحدث عنه حديث “طه حسين” في “الأيام” بقوله “الشيخ،” وكذلك يحدث في اللغة الدارجة بقوله “بابا” او “الشايب” أو “الوالد”
وهنا نخلص إلى القول إن أشكال دلالة المعنى الأسلوبي تختلف حسب المقام :
أ أن يتحدث أحدهم لأخيه عن ابيه
ب أن يتحدث أحدهم للناس وبمحضر ابيه
ج أن يتحدث أحدهم لأبيه بمحضره اي عن طريق المناداة
وتقع بذلك عملية انزياح دلالي من موقف إلى آخر ومن موقع إلى آخر
(يتبع…)
(الدكتورة الناقدة مفيدة الجلاصي)