” امرأة الأرض والماء ( 1 )
***
( بقلم : سليمى السرايري- تونس )
***
سليمى , طفلة من السماء جاءت لتختلس قطعة محبة من شجرة الحب هي الشاعرة التي تعاند الرسامة و تمنحنها حرفا وسنبلة.. فبين الحرف واللون نقشتْ وردة فضيّة وضمّت إلى قلبها مدن الصفاء….
شاعرة وفنانة تشكيليّة تونسية، بالتحديد من قرية أمازيغية بالجنوب اسمها “تمزرط”بمعنى تُرى باللغة الأمازيغية – لأنها في أعلى قمّة جبلية فلُقّبتْ فبأميرة الجبال…
–
هناك عانقتُ القمم والهضاب ,وتعطّرتُ برائحة أعشاب (الزعتر والأكليل و أوراق الصبّار) , هناك حيث نخيل حقل عاشق يلثم أفواه السحاب…
حيث أشجار اللوز والزيتون في غابات أجدادي الشاسعة …
الطبيعة شرّعتْ لي الأفق على مصراعيه، حين كنتُ أرنو إليه ألمح فرح الزيتون وأسمع هديل الحمام…
هناك دائما، قبة بيضاء شامخة على الربوة المقابلة لبيتنا في الغاب الشاسع، لوليّ صالح ظلّ دهرا هناك يحتضن أعشاش العصافير..
لابد أن أذكر أن البيئة والمحيط الذي عشتُ فيه كوّن في شخصيتي عدة أشياء جميلة
وأنا طفلة , كنت أعيش في قريتي بين خمائل الزيتون والكروم وتعلمتٌ رسم الطبيعة كما اتقنتُ من والدتي الصناعات اليدوية..
في بيتنا حرية التعبير …. حرية ممارسة كل ما هو جميل، مساحة نقيّة أتنفس فيها بعمق،،
ركن هادئ ومريح يحتضنني كلّما اشتدّتْ عتمة ما في قلبي ….
تلك الطبيعة التي تمازجت فيها روحي مع ألوانها والتحفتْ ردائها المخملي…..
تلك الطبيعة التي ساعدتني لأرسم اليوم……
لأبكي…
لأحزن…
وأغسل دمعتي في بركة الضوء….
أراقص ريشتي وقلمي وأصنع لسليمى الطفلة قطعة حلوى…
وأخلق لسليمى الفتاة الشاعرة، دمعة وكتاب….
…
سليمى طفلة لا ولن تكبر أبدا، فأنا مازلتُ أجمع الفيروز من الساحل الشرقي وأعانق قبّرة أضاعت طريق العودة….
مازلتُ أمشّط شعر باربي بأسنان الموج، وأصمم لها فستان الفرح ….
أنا العاشقة ابتدأت من الجنون، فاغتالني الغرق…
أحبُ الابتكار والخلق، فجأة وجدتُني ملمة بعدة مواهب صقلتها مع السنين منها تصميم الأزياء …
أحب معارض الفنانين جدا، أحب الفن الراقي وحفلات الرقص والموسيقى والمسرح والسنيما ….
بالاضافة انه لا حدود عندي للابداع فمن لا شيء أخلق شيئا …
من الصناديق العتيقة إلى هواية جمع القوارير القديمة وتزويقها بقطع من المرآة والألوان الذهبية المتعددة حتى البرونزية…
تصميم لوحات كبيرة بالقطع النقدية كأشجار ذهبية وفضيّة…النحت على ورقة النحاس والذهب..الغوص في التاريخ الأمازيغي ، أجسّد رموزه العديدة على الخزف فلي مجموعة كبيرة من الخزفيات ذات نقوش و رموز نادرة…
المعادن تشكّلها أصابعي كلّما اشتعلت العتمة في الفراغ…
حكاية طويلة اسمها سليمى ,أتساءل هل ستنتهي يوما حين تناديني حفرة ما في مكان ما؟
-سليمى , جاءت من كوب اسمه الابداع — لا تكون حياتي بلا لون ولا دمعة ولا ابتكار ولا حرف …
سليمى طفلة عاشقة..من أطفال العالم الرابع إن لم أقل الخامس.
مازلتُ أحتفظ بتنهيدة وئيدة في قلبي الصغير ……..
–
بقلم سليمى السرايري
… …/
يتبع…………